مفهوم الرفق

كتابة بدرية القحطاني - تاريخ الكتابة: 21 أبريل, 2022 4:33
مفهوم الرفق


مفهوم الرفق نتحدث عنها من خلال مقالنا هذا كما نذكر لكم مجموعة متنوعة أخرى من الفقرات مثل مفهوم الرفق بالحيوان وأنواع الرفق ثم الختام كيف نعلِّم أطفالنا أسس الرفق والرَّحمة تابعوا السطور القادمة.

مفهوم الرفق

يتم تعريف الرفق على أنه نوع من الود والكرم والاعتبار، والمودة ، واللطف، والاهتمام، والرعاية، فكل تلك الكلمات مرتبطة بالرفق، في حين أن الرفق له دلالة على معنى أن شخصا ما ساذجا أو ضعيفا، فإن الأمر ليس كذلك، الرفق غالبا ما يتطلب الشجاعة والقوة، كما يعتبر مهارة شخصية ويعرف أرسطو الرفق بأنه المساعدة تجاه شخص محتاج ، وليس في مقابل أي شيء، ولا من أجل مصلحة المساعد نفسه، ولكن لصالح الشخص الذي ساعد كما اعتبر نيتشه أن الرفق والمحبة هما الأعشاب والعوامل العلاجية الأكثر في المجتمع البشرى، ويعتبر الرفق واحدًا من الفضائل في تعاليم الله.

مفهوم الرفق بالحيوان

ينظر الدين الإسلامي إلى الحيوان على أنَّه جزء مهم ومفيد في حياة الإنسان؛ فالحيوانات تساعد الإنسان على عمارة هذه الأرض واستمرارية الحياة عليها، ونرى هذه النظرة الواقعية من خلال ذكر الحيوان في العديد من المجالات الإسلامية، وأبرز دليل على ذلك هو وجود العديد من السور القرآنية التي تحمل أسماء الحيوانات، مثل: سورة البقرة، والأنعام، والعنكبوت، والفيل، وغير ذلك من السور وكان الدين الإسلامي حريصًا أشدَّ الحرص على الرفق والعناية بالحيوان، والرفق به يعني ابتعاد الإنسان عن النظر للحيوان على أنَّه وسيلة للخدمة، والأكل، والملابس وغيرها فقط؛ بل إنَّ للحيوانات جانب معنوي على الإنسان أن يعتني به، كما عليه أن يُحسن مصاحبتها، ويمنع عنها الأذى؛ مثل حرمانها الطعام والشراب، أو الإثقال عليها بالحمل، أوعدم مراعاتها في المرض.

أنواع الرفق

-الرفق مع النفس
وهو الرفق مع الذات، لأنَّ الإنسان لا يجب أن يقسو على نفسه، فإنَّ لنفسك عليك حقًّا كما وردَ في الحديث الشريف، فلا يجب أن يحمل الإنسان نفسه فوق طاقته، والله تعالى لا يحبُّ للعبد أن يتعبَ نفسه أو أن يقسو عليها وخصوصًا إذا أدى ذلك بها إلى الهلاك، حيث قال تعالى: ” وَأَنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ۛ وَأَحْسِنُوا ۛ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ “.
-الرفق في الدعوة
إنَّ الإسلام دين رحمة وسلام، وقد قامت الدعوة الإسلامية على الموعظة والجدال بالحق، وهذا ما أمر الهل تعالى به، فلا يجوز على المسلم أن يتشدد في الدعوة إلى الله وألا يمارس دورًا هجوميًا على الناس، بل يحرص دائمًا على اللين والرفق في الدعوة حتى يأسر قلوب الناس فيميلوا إلى دعوته، وقد قال الله تعالى: ” ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ “،وقال أيضًا موجهًا خطابه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” بِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ۖ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ۖ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ “.
-الرفق بالرعية
وها النوع مختص بكل من تولى منصبًا قياديًا على مجموعة من الناس، بدايةً من رئيس الدولة أو الملك وانتهاءً بأدنى منصب في الدولة، لأن كل راعٍ مسؤول عن رعيته سواء كانوا أهل بيته أو الخدم في منزله أو الموظفين في أية شركة أو دائرة يتولى إدراتها، وفي الحديث عن عائشة بنت أبي بكر أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ” اللَّهُمَّ، مَن وَلِيَ مِن أَمْرِ أُمَّتي شيئًا فَشَقَّ عليهم، فَاشْقُقْ عليه، وَمَن وَلِيَ مِن أَمْرِ أُمَّتي شيئًا فَرَفَقَ بهِمْ، فَارْفُقْ بهِ “.
-الرفق الفطري
هو شعور خلقه الله سبحانه وتعالى في جميع المخلوقات، وهو ذاتي يكون نابعًا من نفس الكائن الحي، سواء كان إنسان أو غيره، ولذلك فإنه مهما بلغ الشخص أو المخلوق من قسوة فإنه لا بدَّ أن تكون في داخله شيئًا من الرحمة الناتجة عن الرفق الفطري، حيثُ يظهر بعض الناس اللين والعطف والحنان في الأقوال والأفعال بشكل مبالغ به، وهناك من الناس من يظهر القسوة الشديدة في الأقوال والأفعال أيضًا، ولكن خير الأمور أوسطها، وقد دلَّ على وجود الرفق الفطري حديث رسول الله عن زارع بن عامر أنه قال: ” إنَّ فيكَ خَلَّتَيْنِ يُحِبُّهُما اللهُ الحِلْمُ والأناةُ . قال : يا رسولَ اللهِ ! أنا أَتَخَلَّقُ بهما أَمِ اللهُ جَبَلَنِي عليهما ؟ قال : بَلِ اللهُ جبلكَ عليهما . قال : الحمدُ للهِ الذي جَبَلَنِي على خَلَّتَيْنِ يُحِبُّهما اللهُ ورسولُه “.-الرفق المكتسب
بالإضافة إلى الرفق الفطري يوجد لدى الإنسان ما يسمى الرفق المكتسب، وهو الذي ينتج عن طريق التعلم والممارسة والاعتياد، وهذا أمر مشروع وقد حثَّ عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم من خلال أمر الناس بأن يتصفوا بالرفق بالتعامل مع الآخرين، ففي الحديث عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ” ليسَ المؤمنُ بالطَّعَّانِ ولا اللَّعَّانِ ولا الفاحشِ ولا البَذيءِ “.
-الرفق مع الآخرين
إنَّ من أعظم أنواع الرفق أن يرفق الإنسان بالناس من حوله، فيعطف على الصغير ويرحم الفقير والضعيف، ويحترم الكبير، ويكون قدوة للناس في التعامل والأخلاق، وقد أشار رسول الله إلى أنَّ الله تعالى يحب الرفق في كل شيء وبالتأكيد الرفق مع الناس على رأس جميع أنواع الرفق، حيث قال صلى الله عليه وسلم: ” يا عائِشَةُ إنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ، ويُعْطِي علَى الرِّفْقِ ما لا يُعْطِي علَى العُنْفِ، وما لا يُعْطِي علَى ما سِواهُ “.
-الرفق بالمرأة
يكثر الحديث عن حقوق المرأة وكيف يجب أن يكون التعامل مع المرأة، ولا يجب أن يغفل المسلم من أنَّ الرفق بالمرأة كان قد أوصى به رسول الله صلى الله عليه وسلم مرارًا وتكرارًا، فالمرأة هي الأم والأخت والزوجة والبنت وغير ذلك، وقد خلقها الله ذات عاطفة كبيرة، وفي الحديث عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: ” أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كانَ في سَفَرٍ، وكانَ غُلَامٌ يَحْدُو بهِنَّ يُقَالُ له: أنْجَشَةُ، فَقالَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: رُوَيْدَكَ يا أنْجَشَةُ سَوْقَكَ بالقَوَارِيرِ. قالَ أبو قِلَابَةَ: يَعْنِي النِّسَاءَ. [وفي رواية]: كانَ للنَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حَادٍ يُقَالُ له: أنْجَشَةُ، وكانَ حَسَنَ الصَّوْتِ، فَقالَ له النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: رُوَيْدَكَ يا أنْجَشَةُ، لا تَكْسِرِ القَوَارِيرَ. قالَ قَتَادَةُ: يَعْنِي ضَعَفَةَ النِّسَاءِ “، فقد شبه النساء بالقوارير وأمر بالرفق بهنَّ.
-الرفق بالخادم والمملوك
وهو يندرج تحت الرفق بالرعية، فلا يجب على المسلم أن يقسو على خادمه أو المملوك لديه أو الموظف الذي يعمل عنده سواء في البيت أو في العمل، وفي الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه وأرضاه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ” لِلْمَمْلُوكِ طَعامُهُ وكِسْوَتُهُ، ولا يُكَلَّفُ مِنَ العَمَلِ إلَّا ما يُطِيقُ “، وهذا يدلٌّ على وجوب الرفق مع الخادم والمملوك في كلِّ شيء.

كيف نعلِّم أطفالنا أسس الرفق والرَّحمة

-إن تطوير الأسس النفسية والروحية لدى أطفالنا في المراحل المبكرة من حياتهم يشبه تطوير العضلات، فكلما استخدمت عضلاتك ومرَّنتها أكثر، كلَّما أصبحت أقوى.
-يتعلم الأطفال التعاطف من خلال العديد من التجارب، كرعاية الحيوانات الأليفة مثلًا، وهناك منهم من يشارك في برامجَ لتعليم اللطف والاحترام والتعاطف، وفي حال كان لديهم أسر تعزز ما تعلموه، فإنهم سيصلون إلى أعماقهم في مرحلة المراهقة، أي أنهم سيعرفون تمامًا قيمة ما يملكون داخلهم من قيمٍ إنسانيةٍ كالرفق والرَّحمة والإحسان. كما تظهر الأبحاث أن الرَّحمة تلعب دورًا هامًّا في مساعدة الأطفال على التطور ليصبحوا بالغين متفائلين.
-والحديث عن الرِّفق لا يكفي لتعليمه للطفل؛ بل يجب أن يمارس الطفل ذلك في حياته اليوميَّة، من خلال تعويده على العطاء دون انتظار مقابل، وجعله يختبر إحساس الرِّفق بالآخر، وهذا الآخر يمكن أن يكون أخاه الصغير أو حيوانًا أليفًا ما، وذلك ليلتمس معنى المكافأة الداخلية، والشعور بتقدير الذات. 5



336 Views