مصادر الحكمة في العصر العباسي

كتابة حسن الشهري - تاريخ الكتابة: 18 يونيو, 2022 10:32
مصادر الحكمة في العصر العباسي


مصادر الحكمة في العصر العباسي وكذلك تعريف الحكمة في العصر العباسي، كما سنوضح خصائص شعر الحكمة في العصر العباسي، وكذلك سنقدم خاتمة عن شعر الحكمة في العصر العباسي، وكل هذا من خلال مقالنا هذا تابعوا معنا.

مصادر الحكمة في العصر العباسي

كانت الحِكم عند العرب تُمثّل الفطرة السليمة، فهي موجودة منذ العصور الأولى، لكنّها تطوّرت إلى معانٍ عميقة؛ فكان لشعرِ الحكمة قيمته بين الشعراء، فبه يصبح المدح أكثر رزانة، وتربية القوم على السلوك المهذب والفضيلة، وبذلك كان الشعر من أحد أسباب إصلاح النفس، من خلال صنع مادة شعريَّة وتعليميَّة وأخلاقيَّة، ومن أهم أسباب تطور الشعر الحكمي في العصر العباسي، هي المصادر التي ساعدت في الانفتاح الثقافي والعقلي، ومنها:
1- الموروث الشعبي
وهو ما يَرثه الأفراد من الأسلاف؛ إذ يُعدّ الجزء الأهمّ من تاريخ وثقافة الشعوب، ويشمل هذا الموروث العادات والتقاليد، والأفعال والأقوال، بما في ذلك الحكايات والأساطير، وغيرها من التجارب الذاتيّة المُتوارثة التي كانت من أحد أسباب تطوُّر الشعر الحكمي في العصر العباسيّ، فالموروث الشعبي هو الفن الذي يساعد على صياغة الحياة وفنونها، وهذه المعتقدات الشعبيَّة كلّها تدلّ على ثراء الشعوب وزخامة فِكرهم، ومدى إبداعهم في الحياة والحضارة، وتبعًا لذلك فقد تسلسلت أفكار الشعر العباسيّ بما هو عقلاني ومنطقي، إضافة إلى تنوّع الموضوعات بمختلف الأغراض، كالفخر، والغزل العذري، والهجاء، والتصوف، وغيرها، كما اتّسمت هذه المواضيع بابتكار معانٍ جديدة، وصور محدّثة.
2- التأثيرات الأجنبية:
وهي اتّصال الثقافة العربيّة بالثقافة الأجنبيّة، ويعدّ هذا الاتّصال من أهمّ الأسباب التي أدّت إلى ازدهار الحركة العلميّة والأدبيّة في هذا العصر، ومن أهمّ هذه التأثيرات هُم الفرس، فقد كان لهم دورهم البارز في إيصال أنواع الثقافات الأخرى إلى العرب، فاقتبسَ العرب منهم، واندمجوا ثقافيًّا، وكانت هذه الاقتباسات هي أعمال مترجمة لأهم أدباء الغرب، إذ حفَّزت الكُتاب العرب على الكتابة الإبداعية والروائيَّة، إضافة إلى تحفزيهم على التمكُّن من جوانب هذه الكتابة والإلمام بعناصرها المختلفة، من أجل صنع ما هو أكثر إبداعًا من غيره.

تعريف الحكمة في العصر العباسي

فالحكمة في العصر العباسي تُعد فنًا من فنون الأدب العربي، التي تهدف إلى النصح والإرشاد، والموعظة الحسنة، وتأتي تعبيرًا عن تجربة ذاتية خاضها الحكيم، أو الفيلسوف، وعن طول تأملٍ وتبصُّرٍ بجوانب الحياة وأحوالها، وتقلباتها.
فهنالك الشعر العربي في العصر العباسي المشبع بالحكم المستمدة من واقع الحياة العربية، بالإضافة إلى ما استمده الشعراء العرب من الثقافات الأخرى، والحضارات غير العربية والإسلامية، من خلال الكتب المترجمة، والغنية بالأمثال وأدب الحكماء، فاقتبسوا منها، ونظموا على منوالها.

خصائص شعر الحكمة في العصر العباسي

– تفتح العقل العربي على ثقافة الحضارات المجاورة له مثل الحضارات الفارسية والرومية والهندية.
– قام على إيجاد التمازج بين الثقافات العربية وثقافة الحضارات الأعجمية.
– إن هذا المبدأ عمل على ازدهار الحياة الأدبية حيث أنه تميز بوجود أدباء كانوا قد تميزوا بالأصالة والإبداع والتجديد في الشعر وايضاً النثر، وتم ذلك بسبب صلة الأدباء بالمنطق والفلسفة.
– إن هذه الصلة التي تم ذكرها مؤخراً أدت إلى امتزاج العقل بالعاطفة في العديد من الآثار الأدبية للعصر العباسي سواء كانت نثراً أو شعراً.
– عمل على تزايد القصائد الشعرية التي تخللها الكثير من الحكم والمواعظ أو هناك بعض القصائد كانت تطرح بعض القضايا الفلسفية.
– أصبح الشعراء في هذا العصر يخضعون شعرهم للعقل أو الفلسفة أو حتى المنطق.
– فتح باب الأخلاق الحميدة وعمل على تصويرها مثل الكرم والحياء والعفة وأيضاً الصبر.
– عبر عن تجربة الشاعر بالإضافة إلى خبرته في الحياة وتم ذلك عن طريق التنوع في استخدام المحسنات اللفظية والبديعية.
– قام على إتاحة مواضيع تضمنت في طياتها مادة طريفة لتأديب الأجيال، حيث أنه هذه المواضيع حثت على الأخلاق الفاضلة.
– إن الشاعر في الشعر الحكمي اعتمد على تواجد المقدمة الطلليَّة، حيث أنه يعرض من خلالها خبراته في الحياة ويستطرد في ذكر حنينه لماضيه.
– من خصائص الشعر الحكمي أنه صور الطبيعة وعناصرها، بالإضافة إلى أنه وصف الصحراء والقصور في المقدمات الطللية التي تضمنت الشعر أو النثر.
– الشعر الحكمي في العصر العباسي يخلو من التكلف والألفاظ الصعبة، والسبب يكمن في أن هذا الشعر يكون غرضه واضح لهذا يجب أن يتميز بالفاظ سهلة حتى يتم فهم الغرض وعدم وجود الالتباس فيه.

خاتمة عن شعر الحكمة في العصر العباسي

“لقد استطاع الشعر العباسي أن يرتقي بعقلية وفكر جميع من عاصروا هذه الحقبة من التاريخ الإسلامي والإنساني حتى العوام من الناس، ويرجع الفضل في ذلك إلى شعراء العصر العباسي الذي أضفوا الكثير والكثير من التغييرات والتطورات، والتي كان ورائها التخبطات السياسية والدينية والصدامات الفكرية التي كانت ناشبة آنذاك والتي لعبت دورها في تشكيل وجهات وفكر شعراء هذا العصر.
وتؤكد التغيرات والترنحات والاضطرابات التي مر بها الشعر خلال فترة حكم العباسيين ما بين تطور وازدهار وبين ضعن وتدني، أن الإبداع لا يعرف قيدًا أو حدًا ومهما كانت الظروف فإن العقل والعاطفة البشرية تبقى دومًا قادرة على بذل الأفضل، بأمام ما كان يتمتع به الشعر العربي من ألفاظ ومعاني وأخيلة تشع منها روح البداوة منذ قرون طويلة، جاء شعراء العصر العباسي لكي تنقلب الموازين ويحل محل هذه الأساسيات الراسخة ألفاظ ومعانٍ وأغراض وخصائص تتماشى مع الروح المدنية الحضرية الجديدة.
ويمكننا استنتاج أمر هام من خلال الاضطلاع على طبيعة الشعر في العصر العباسي وهو أن ترنح الحضارة وتخبطها في بعض الأحيان يكون إيجابيًا، وخير دليل على ذلك هو الانتقال والتغيير الجذري الذي حل بالشعر على طول امتداد تاريخ الدولة العباسية في عصورها الأربعة، فإن ضعف وسقوط الحضارة وأفول نجمها وغياب شمسها قد يكون إيذانًا لفجر جديد بالطلوع وولادة عصر جديد بحضارة مغايرة.



380 Views