محاضرة عن الصدقة

كتابة somaya nabil - تاريخ الكتابة: 12 نوفمبر, 2021 2:53
محاضرة عن الصدقة


محاضرة عن الصدقة، وفضل الصدقة، وقصص عن الصدقة، ودرس عن الصدقة، وأفضل أنواع الصدقات، وأسئلة عن الصدقة، نتناول الحديث عنهم بشيء من التفصيل خلال المقال التالي.

محاضرة عن الصدقة

الحمد لله الذي اصطفى لمحبته الأخيار، فصرف قلوبهم إلى طاعته ومرضاته آناء الليل وأطراف النهار، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له مقلب القلوب والأبصار، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبده ورسوله المصطفى المختار، صلى الله عليه وعلى أله الطيبين الأطهار، وعلى جميع أصحابه الأخيار، ومن سار على نهجهم ما أظلم الليل وأضاء النهار.
الصدقة شعار المتقين، ولواء الصالحين المصلحين، زكاة للنفوس، ونماء في المال، وطُهرة للبدن، مرضاة للرب، بها تُدفع عن الأمة البلايا والرزايا، تُطهر القلوب من أدران التعلق بهذه الدنيا وشهواتها وملذاتها؛ قال تعالى: ﴿ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ [التوبة: 103].
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102]. ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1].
عباد الله، سنقف وإياكُم مع الصدقة وأهميتها في الدنيا والآخرة.
في مضمار سباق إلى رضا الله تعالى، قال عمر رضي الله عنه: أمرَنا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ أنْ نتصدقَ، فوافقَ ذلك عندي مالًا فقلتُ: اليومَ أسبقُ أبا بكرٍ إن سبقتُهُ يومًا قال: فجئتُ بنصفِ مالي، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: ما أبقيتَ لأهلِكَ؟ قلتُ مثلهُ، وأتى أبو بكرٍ بكُلِّ ما عنده، فقال يا أبا بكرٍ: ما أبقيتَ لأهلِكَ؟ فقال: أبقيتُ لهمُ اللهَ ورسولَهُ، قلتُ: لا أسبِقُهُ إلى شيءٍ أبدًا.

فضل الصدقة

للصدقات منافع وفوائد وفضائل ينبغي للمسلم أن يتأملها وأن يجتهد في تحصيلها ونيل أجرها وثوابها؛ فالصدقة سببٌ في دعاء الملائكة للإنسان أن يزيد الله تعالى في ماله، وأن يُبارك له في رزقه فقد صح عند ( البُخاري ) عن أبي هريرة ( رضي الله عنه ): أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ” ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان فيقول أحدهما: اللهم أعط منفقًا خلفًا، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكًا تلفًا.
– الصدقة سببٌ لعلاج الأمراض وحماية الأعراض – بإذن الله تعالى – فقد جاء في ( المعجم الكبير ) عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” حصنوا أموالكم بالزكاة، وداووا مرضاكم بالصدقة “.
– الصدقة سترٌ للإنسان وحمايةٌ له من النار، فقد جاء في ( مُسند الإمام أحمد بن حنبل ) عن أم المؤمنين عائشة ( رضي الله تعالى عنها ) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها: ” يا عائشة استتري من النار ولو بشق تمرة “.
– الصدقة تُطفئ الخطيئة لما صحَّ في ( سُنن الترمذي ) عن كعب بن عُجرة أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:” والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار “.
– من منافع الصدقة أن المتصدق يستظل في ظل صدقته يوم القيامة لما جاء في ( المعجم الكبير ) عن عقبة بن عامر أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” .. وإنما يستظل المؤمن يوم القيامة في ظل صدقته “.
– الصدقة تُطفئ عن أصحابها حرَّ القبور لما جاء في ( المعجم الكبير ) عن عقبة بن عامر أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” إن الصدقة لتطفئ عن أهلها حر القبور “.
– الصدقة تزيد وتُبارك في مال الإنسان، وتدفع عنه المضرات – بإذن الله تعالى – لما صحّ عند الإمام ( مسلم ) عن أبي هريرة ( رضي الله عنه ) عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه قال : ” ما نقصت صدقة من مالٍ، وما زاد الله عبدًا بعفوٍ إلا عزًا، وما تواضع أحدٌ لله إلا رفعه الله “.
– وفي الصدقات شكرٌ من العبد لنعم الله تعالى عليه؛ فقد جاء في ( سُنن أبي داوود ) عن عبد الله بن بُريدة قال: سمعت أبي بريدة يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ” في الإنسان ثلاثمائة وستون مفصلاً فعليه أن يتصدق عن كل مفصلٍ منه بصدقة “.

قصص عن الصدقة

1. القصة الأولى منزلة المتصدقين
– عن الصحابي الجليل عثمان بن عفان الذي علمنا الكثير من أمور الدين أثناء حياته، يحكي التابعين، أن كان هناك بئرًا داخل المدينة وكان صاحبه يهوديًا، وكان لا يعطي الناس الماء إلا بعد دفع الأموال الكثيرة، وكان يغير سعر الحصول على الماء يومًا بعد يوم، ولما كان المسلمين في هذه الفترة يعانون من الفقر الشديد.
– كانوا غير قادرين على الدفع، فقال عثمان بن عفان هل أشتري منك البشر أيها الرجل، وكان في نفسه يريد أن يفرج الكرب على المسلمين، فقال له اليهودي لا أبيع البشر لأنك إذا اشتريته ستكسب منه الكثير، ولكن يمكن أن نتشارك به يومًا يكون ملكي ورزقه يكون مالي واليوم التالي هو لك.
– وافق سيدنا عثمان على هذا، وفي اليوم الخاص بملكية اليهودي كان يرفع سعر الماء، أما اليوم التالي فكان يترك سيدنا عثمان البئر للجميع ليشربوا منه ما يشاؤون دون دفع المال، فكانت الناس تستسقى يوم سيدنا عثمان وتخزن المياه لليوم الذي سيمسك فيه اليهودي البئر.
– فأصبح اليهودي لا يكسب أي مال على الإطلاق فذهب إلى سيدنا عثمان وطلب أن يشتري البئر ويصبح ملكه، وقد وافق عثمان بن عفان وترك البئر للجميع دون أخذ المال وكأنه صدقة.
– مرت السنين وربما قرون وقد ردم البئر لكن المياه التي كانت في جوفه كانت سببًا في زراعة النخيل في المنطقة، وفي الوقت الحالي تسمى الأراضي المحيطة للبئر باسم سيدنا عثمان وأن ما بها من خيل هو ملك له، ويتم حصاد التمر منه ويوزع مجانيًا على الحجاج والمعتمرين كصدقة جارية له.
2. القصة الثانية خير من رغيفك
روى ابن الجوزي ([60]) رحمه الله تعالى عن ابن أبي حازم عن أبيه قال: أمست عائشة ([61]) رضي الله عنها صائمةً وليسَ عندها إلا رغيفان، فجاء سائلٌ فأمرت له برغيف، ثم جاء آخر فأمرتْ له بالرغيف الآخر، فأبتْ مولاتها أنْ تدفعُه إليه فطرحته إليه عائشة من تحت الستر فقالت لها مولاتها: انظري على ما تفطرين؟ فلما أمست عائشة إذا ضاربٌ يضرب الباب فقالت: من هذا؟ قال: رسول آل فلان قالت عائشة: إن كان مملوكًا فأدخليه فإذا هو يحمل شاة مشوية عليها خبز، فقالت لها عائشة: اعتدي كم ها هنا خبز خيرٌ من رغيفك، فلا والله ما كانوا أهدوا إليَّ قبلَها شيئًا ([62]).

درس عن الصدقة

قال صلى الله عليه وسلم: «الصدقة على المسكين صدقة، وهي على ذي الرحم اثنتان صدقة وصلة» [رواه أحمد والنسائي والترمذي وابن ماجة]، وأخصُّ الأقارب ـ بعد من تلزمه نفقتهم ـ اثنان:
– الأول: اليتيم؛ لقوله جلَّ وعلا: {فَلا اقتَحَمَ العَقَبَةَ * وَمَا أدرَاكَ مَا العَقَبَةُ * فَكُّ رَقَبَةٍ * أَو إِطعَامٌ فِى يَومٍ ذي مَسغَبَةٍ * يَتِيماً ذَا مَقرَبَةٍ * أَو مِسكِيناً ذَا مَتْرَبةَ} [سورة البلد:11-16]. والمسبغة: الجوع والشِّدة.
– الثاني: القريب الذي يضمر العداوة ويخفيها؛ فقد قال صلى الله عليه وسلم: «أفضل الصدقة على ذي الرحم الكاشح» [رواه أحمد وأبو داود والترمذي صحيح الجامع].

أفضل أنواع الصدقات

1. الصدقة الخفية؛ لأنَّها أقرب إلى الإخلاص من المعلنة وفي ذلك يقول جل وعلا: {إِن تُبْدُواْ الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِي وَإِن تُخْفُوهَا وَتؤْتُوهَا الفُقَرَاءِ فَهُوَ خَيرٌ لَّكُمْ} [سورة البقرة: 271].
2. الصدقة على القريب، تأكيدًا لقوله تعالى: «لَن تَنَالُواْ البِر حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ} [سورة آل عمران: 92].
3. الصدقةُ في حال الصحة والقوة أفضل من الوصية بعد الموت أو حال المرض والاحتضار كما في قوله صلى الله عليه وسلم: «أفضل الصدقة أن تصدَّق وأنت صحيحٌ شحيحُ، تأمل الغنى وتخشى الفقر، ولا تمهل حتى إذا بلغت الحلقوم قلت: لفلان كذا ولفلان كذا، ألا وقد كان لفلان كذا»
4: الإنفاق على الأولاد كما في قوله صلى الله عليه وسلم: «الرجل إذا أنفق النفقة على أهله يحتسبها كانت له صدقة».
5: الصدقة التي تكون بعد أداء الواجب كما في قوله عز وجل: {ويسألونك مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ العَفْوَ} [سورة البقرة: الآية 219].
6: بذل الإنسان ما يستطيع ويطيقه مع القلة والحاجة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أفضل الصدقة جهد المُقل، وابدأ بمن تعول».

أسئلة عن الصدقة

1. هل الصدقات التي تُعطى من الأضحية للفقراء واجبة أم مستحبة؟
إن الأضحية هي ذبح الحيوان في عيد الأضحى تقرباً لله (عز وجل)، ويمكن للإنسان أن يُقسّمها ثلاثة أثلاث فيجعل الثلث لبيته والثلث هدية والثلث للفقراء وهي مُستحبة وقُربى لله (عز وجل).
2. هل يجوز إخراج الصدقات لدور الأيتام؟
يجوز إخراج الصدقات لدور الأيتام وهم من أحق الناس بصدقتك، ودعم دور الأيتام من أفضل أبواب إنفاق الصدقات، لأن اليتيم فقد الأشخاص الذين كانوا أولى برعايته وتقديم الحب له.
3. من هم الأشخاص الأحق بتلقي الصدقات؟
إن الله تعالى قد أوضح الأشخاص الذين هم أحق بالصدقة مثل الفقراء والمساكين، والأشخاص القائمين على توزيع الصدقات والذين يُرجى كسب مودتهم وإزالة ما في نفوسهم من بغضاء وكذلك للأقربين الذين هم في حاجة للصدقة والجار المحتاج والسائلين وغيرهم من المحتاجين للمساعدة.
4. هل يجوز إخراج كفّارة اليمين لمحدودي الدخل من موظفين وعمّال وغيرهم؟
يمكن إعطاء من تعتقد أنه بحاجة إلى المال من الصدقات وكفارة اليمين ولا يوجد مشكلة في ذلك، فيكفي أن تعتقد أنت أنهم في حاجة إلى المساعدة والتصدق عليهم ويطمئن قلبك لذلك.



444 Views