كيف يعيش الميت في قبره

كتابة زينه الشمري - تاريخ الكتابة: 5 يناير, 2023 5:45 - آخر تحديث : 5 يناير, 2023 5:46
كيف يعيش الميت في قبره


كيف يعيش الميت في قبره كما سنجيب عن هل الأموات يأكلون ويشربون في البرزخ كذلك سنجيب عن هل يستمر عذاب القبر إلى قيام الساعة كما سنذكر كذلك ما هو احساس الميت بعد الموت كل تلك الموضوعات تجدونها من خلال مقالنا هذا.

كيف يعيش الميت في قبره

تبدأ حياة الميت الثانية بعد دخوله القبر، فلا تنتهي الحياة بموت الإنسان في حقيقة الأمر، بل إنّه ينتقل من حكم عن الحياة الدنيا بطريق الموت إلى الحياة الآخرة التي أولها القبر، والقبر ليس إلا طريق عبورٍ بين الدنيا والآخرة، فإن جاء أمر الله وقامت الساعة، فحينها ينتقل أهل القبور إلى مرحلةٍ أخرى هي مرحلة العرض والحساب، وتوزيع الجوائز والمنازل بين الجنة والنار.
اختلف العلماء في مسألة سؤال الملكين للميت في قبره، هل أنَّ سؤالهما يقع على الروح أم على البدن أم عليهما معًا، وبيان ما ذهبوا إليه فيما يأتي:
1-مذهب الإمام أبي حنيفة والغزاليّ‏ -رحمهما الله- في هذه المسألة هو التوقّف‏، لكنّهم أقرّوا أنّ الميت في قبره يشعر ببعض حياة، فيتنعَّم إن كان تقيًّا، ويُعذّب إن كان غير ذلك، ويتلذّذ بالملذّات التي تأتيه ثوابًا على ما قدَّم من صالح العمل، أما مسألة عودة الروح إلى الجسد عند سؤال الملكين وبعدها فهي عندهم غير مُستقرّةٍ؛ فيمكن أن تعود إلى جسده إذا دخل القبر، ويمكن أن يُؤخّر الله ذلك إلى يوم القيامة، والله وحده العليم بذلك.
2-يرى جمهور علماء السُّنة أنّ الروح تُرَدُّ إلى جسد الميت بعد أن يُدخَل القبر، أو حتى بعض الجسد في حالة ما إذا كان الجسد قد لحق شيئًا منه البتر أو الحرق،‏ فلا يمنع من ذلك كون جسم الميت قد تمزَّق إلى أشلاء، أو احترق بكامله؛ لأنّ اللّه قادر على أن يعيد الحياة إلى جسده ولو لجزءٍ بسيطٍ منه، ويقع على الجزء الذي يبقى من الجسد سؤال الملكين له في قبره.‏
3-ذهب ابن هُبيرة وغيره‏ إلى أنّ سؤال الملكين للميت في قبره إنمّا يقع على روحه فقط ولا يقع على جسده، وذلك يقتضي إنكارهم أنّ روح الميت تعود لجسده بعد الدفن وعند سؤال الملكين له.
4-رأى ابن جرير الطبريّ وجماعة‏ٌ من العلماء أنَّ سؤال الملكين للميت في قبره إنّما يقع على جسده فقط‏، وأنّ الله سبحانه وتعالى يخلُق فيه إدراكًا وسمعًا وقدرةً على الحوار والإجابة، ويجعله يتألّم إذا ما استحقّ العذاب ولو لبرهة، كما يشعر بالنّعيم ويتلذّذ به إذا كان من أهل التقوى والصّلاح.

هل الأموات يأكلون ويشربون في البرزخ

1-روى البرقيّ بإسناده عن إبراهيم بن إسحاق الجازي قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام : أين أرواح المؤمنين ؟ – فقال : أرواح المؤمنين في حجرات في الجنة ، يأكلون من طعامها ويشربون من شرابها ويتزاورون فيها ويقولون : ” ربنا أقم لنا الساعة لتنجز لنا ما وعدتنا ” ، قال : قلت : فأينَ أرواح الكفار ؟ – فقال : في حجراتٍ في النار ، يأكلون من طعامها ويشربون من شرابها ويتزاورون فيها ويقولون : ” ربنا لا تقم لنا الساعة لتنجز لنا ما وعدتنا . المحاسن للبرقي ج1 ص ٢٣٨ .
2- روى الكلينيّ بسندهِ عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : سألت أبا عبد الله ( عليه السلام ) عن أرواح المؤمنين ، فقال في حجراتٍ في الجنة يأكلونَ من طعامها ويشربون من شرابها ويقولون : ربنا أقم الساعة لنا وأنجز لنا ما وعدتنا وألحق آخرنا بأولنا . الكافي للكليني ج3 ص248 .
3- وروى الكلينيّ بسنده عن يونس بن ظبيان قال : كنتُ عند أبي عبد الله ( عليه السلام ) فقال : ما يقولُ الناس في أرواح المؤمنين ؟ فقلت : يقولون : تكون في حواصلَ طيور خضر في قناديل تحت العرش فقال أبو عبد الله ( عليه السلام ) : سبحان الله المؤمن أكرم على الله من أن يجعل روحه في حوصلة طير ، يا يونس إذا كان ذلك أتاه محمد ( صلى الله عليه وآله ) وعلي وفاطمة والحسن والحسين ( عليهم السلام ) والملائكة المقربون ( عليهم السلام ) فإذا قبضهُ الله عز وجل صيّر تلك الروح في قالبٍ كقالبه في الدنيا فيأكلونَ ويشربون فإذا قدم عليهم القادم عرفوه بتلك الصورة التي كانت في الدنيا . الكافي للكليني ج3 ص249 .
5- وروى الصدوق بإسناده عن أبي أيوب سليمان بن مقبل المديني ، عن موسى بن جعفر ، عن أبيه الصادق جعفر بن محمد ( عليهم السلام ) ، أنه قال : إذا مات المؤمن شيّعه سبعون ألف ملك إلى قبره ، فإذا أدخلَ قبره أتاه منكر ونكير فيقعدانه ، ويقولان له : من ربك ، وما دينك ، ومن نبيك ؟ فيقول : ربي الله ، ومحمد نبيي ، والاسلام ديني . فيفسحان له في قبره مدّ بصره ، ويأتيانهِ بالطعام من الجنة ، ويدخلان عليه الروح والريحان ، وذلك قول الله عز وجل : ( فأمّا إن كان من المقربين * فروح وريحان ) يعني في قبره ( وجنت نعيم ) يعني في الآخرة . الأمالي للصدوق ص٣٦٥ .
4- وروى الكلينيّ بسنده عن ضريس الكناسي قال : سألت أبا جعفر ( عليه السلام ) أنّ الناس يذكرون أنّ فراتنا يخرج من الجنة فكيف هو وهو يقبل من المغرب وتصبّ فيه العيون والأودية ؟ قال : فقال أبو جعفر ( عليه السلام ) وأنا أسمع : إنّ لله جنة خلقها الله في المغرب وماء فراتكم يخرج منها وإليها تخرج أرواح المؤمنين من حفرهم عند كلّ مساء فتسقط على
ثمارها وتأكل منها وتتنعم فيها وتتلاقى وتتعارف فإذا طلع الفجر هاجت من الجنة فكانت في الهواء فيما بين السماء والأرض ، تطير ذاهبة وجائية وتعهدُ حفرها إذا طلعت الشمس وتتلاقى في الهواء وتتعارف ، قال : وأنّ لله ناراً في المشرق خلقها ليسكنها أرواح الكفار ويأكلون من زقومها ويشربون من حميمها ليلهم فإذا طلع الفجر هاجت إلى وادٍ باليمن يقال له : برهوت أشدّ حراً من نيران الدنيا كانوا فيها يتلاقون ويتعارفون فإذا كان المساء عادوا إلى النار ، فهم كذلك إلى يوم القيامة … الكافي للكليني ج3 ص250 – 251 .

هل يستمر عذاب القبر إلى قيام الساعة

1-ويُثبت ذلك ما جاء في الصحيحين من حديث أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنّ رسولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم– قال: «إنّ العبدَ إذا وُضِعَ في قَبرِه، وتولى عنه أصحابَه، وإنه ليسمعُ قَرْعَ نعالِهم، أتاه ملكانِ، فَيُقعَدانِه فيقولانِ: ما كنتَ تقولُ في هذا الرجلِ، لمحمدٍ صلى الله عليه وسلم، فأما المؤمنُ فيقولُ: أشهدُ أنه عبدُ اللهِ ورسولُه، فَيُقالُ له: انظرْ إلى مقعدِكَ من النارِ، قد أبدلك اللهُ به مقعدًا من الجنةِ، فيراهما جميعًا. قال قَتادَةُ وذكر لنا: أنه يُفْسحُ في قبرِه، ثم رجع إلى حديثِ أنسٍ، قال: وأما المنافقُ والكافرُ فَيُقالُ له: ما كنتَ تقولُ في هذا الرجلِ؟ فيقولُ: لا أدري، كنتُ أقولُ ما يقولُ الناسُ، فَيُقالُ: لا دَريتَ ولا تَليتَ، ويُضْرَبُ بِمَطارِقَ من حديدٍ ضربةً، فيصيحُ صيحةً، يَسمعُها من يليِه غيرَ الثقلين».
2-بعد أن ينصرف الملكان عن الميت بعد سؤاله ويرى مكانه في الجنة أو النار تبدأ حياة القبر؛ فإن كان العبد مُؤمنًا وُسِّع له في قبره ورأى من مظاهر النعيم واللذة ما يجعله يتمنّى قرب قيام الساعة لينتقل إلى النعيم الأكبر في الجنة، أما الكافر والفاسق فإنه وبعد سؤال الملكين له وعرض منزله في النار يتمنّى ألا تقوم الساعة حتى لا يدخل النار، فيضيق عليه قبره ويشعر بالعذاب الذي يأتيه من كل مكان، ومن أشد العذاب أنه يرى مقعده من النار في الصباح والمساء، قال تعالى: «النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا».

ما هو احساس الميت بعد الموت

1-الموت عالم أخر يشغل الأحياء، ربما ينتاب الجميع الشعور بالفزع والخوف تجاه هذا الأمر، ولكنه مؤكد وضروري ولم ينجى منه إنسان فالأنبياء قد رحلوا ولم يبقى عليها أحد، والموت هو خروج الروح من الجسد، وعندما تخرج الروح من الجسد يفقد الإنسان شعوره بكل شيء، حيث كان يظن البعض لأزمان طويلة أن الميت يشعر بما يحدث له عند الغسل ولكن هذا الأمر محال فالجسد لا يشعر دون روح، ثم بعد ذلك يدفن الجسد بعد الغسل والصلاة عليه وتوديع الأهل والأحباب والأقارب، ثم تعود الروح للجسد مرة أخرى ليعود الشعور للإنسان وحينها يسأل سؤال القبر، إذ يقول الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا الأمر ” ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الميت إذا مات فإنها تعاد روحه إليه في قبره، ويسأل عن ربه ودينه ونبيه، فيثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة، فيقول المؤمن: ربي الله، وديني الإسلام، ونبيي محمد، وأما الكافر أو المنافق فإنه إذا سئل يقول: ها، ها لا أدري، سمعت الناس يقولون شيئاً فقلته” صدق الرسول الكريم.
2-ربما لا تعود الروح للجسد كما هو الأمر في الدنيا فالحياة البرزخية مختلفة تماماً ولا نعلم عنها شيء، ولا يجب أن نقف عندها كثيراً ونبحث في أمور غيبية لا نصل منها إلى نتيجة، فهناك أمور أحتفظ الله بها في علم الغيب عنده لقوله عز وجل في كتابه العزيز في سورة الإسراء “وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً” صدق الله العظيم، ولكن ما نعلمه مؤكداً من شعور الميت في القبر بعد السؤال إن أجاب المرء وأصلح إجابته وقال ما وجب قوله، حينها يفسح له قبره ويبشرها الملائكة بالجنة ويشم ريحها، أما إن كان سيء العمل والخلق ولم يفلح في الامتحان ولم يجيب فهو صاحب روح كافرة فالملائكة حينها تبشره بسخط الله وبالنار، ثم يصعدون بالروح ذليله خافة ولا تفتح لها أبواب السماء، ثم تعاد إلى جسدها فيضيق على صاحبها قبره ويلحقه عذاب القبر ويفتن صاحبها ويأتيه حر النار وسمومها، حيث ورد في صحيح البخاري “يفرش له قبره ناراً، ويلبس ناراً، ويفتح له باب إلى النار، ويضيق عليه قبره، ويضرب بمطرقة عظيمة لو ضرب بها جبل لصار ترابا، ويبشر بالعذاب في الآخرة، ولذلك يتمنى ألا تقوم الساعة”.



111 Views