كيف مات سيدنا زكريا

كتابة omar albasha - تاريخ الكتابة: 13 أكتوبر, 2019 9:17 - آخر تحديث : 18 ديسمبر, 2022 1:16
كيف مات سيدنا زكريا


سنتعرف على قصة وتفاصيل وفاة سيدنا زكريا بالتفصيل من خلال مقالتنا كيف مات سيدنا زكريا.

زكريا عليه السلام
ينسب سيدنا زكريا إلى بني إسرائيل، ويعود بالنسب إلى يعقوب ابن إسحاق عليهم احسن وأفضل الصلاة والسلام، وكان سيدنا زكريا من كبار الربانين الذين خدموا الهيكل في بيت المقدس، وكان عمران (أبو السيدة مريم العذراء) رئيسهم والكاهن الأكبر فيهم، وقد من الله على عمران وزوجته بمولودة أسموها مريم عليها السلام ونذرتها أمها لخدمة بيت المقدس.
وبعد ولادتها أحضرتها لبيت المقدس لتفي بنذرها، وأعطتها للعباد والربانين، وقد تنافسوا في كفالتها لأنها ابنة رئيسهم عمران، وبعد حصول القرعة وقعت كفالتها على سيدنا زكريا كما أخبرنا القرآن بذلك، وقد نشأت مريم نشأة دينية وتفرغت للعبادة، وقد كان سيدنا زكريا يجد عنها رزقا لم يأتها به، وهذا من إكرام الله عزوجل لها، وقد وقع حب الذرية في نفس سيدنا زكريا، وقد دعا ربه أن يرزقه غلاما يرثه وأن يتولى الرئاسة الدينية في بني اسرائيل خوفا من المتلاعبين بالدين والجهلة، وقد استجاب الله تعالى له وبشره بالنبي يحيى وهو قائم بالمحراب يصلي
نسبه عليه السلام
قيل: هو زكريا بن دان بن مسلم بن صدوق إلى أن يصل نسبه إلى سليمان بن داود الذي يتصل نسبه بـ يهوذا بن يعقوب، فهو من أنبياء بني إسرائيل، وقد ورد في الحديث الشريف أنه كان نجارًا، ويقال: زكريا بالقصر، ويقال: زكرياء بالمد.
عدد المرات التي ذكر فيها في القرءان الكريم
ذكر اسم زكريا في القرءان الكريم ثماني مرات، وذكرت قصته مع شيء من التفصيل في سورة ءال عمران وسورة مريم.
مقدمة في رسالته عليه السلام
بعث الله تعالى زكريا عليه الصلاة والسلام رسولًا إلى بني إسرائيل، فقام عليه السلام يدعو قومه إلى دين الله الإسلام وعبادة الله وحده ويخوفهم عذابه في وقت اشتد فيه الفسق والفجور وانتشرت فيهم المفاسد والمنكرات، وتسلط فيه على الحكم ملوك فسقةٌ ظلمة جبابرة يعيثون في الأرض فسادًا ويفعلون الموبقات والجرائم ولا يراعون حرمة لنبيهم، وكان هؤلاء الملوك قد تسلطوا على الصالحين والأتقياء والأنبياء حتى سفكوا جماءهم، وكان أعظمهم فتكًا وإجرامًا الملك “هيرودس” حاكم فلسطين الذي أمر بقتل يحيى بن زكريا إرضاءً لرغبة عشيقته كما سيأتي في قصة يحيى بن زكريا عليهما السلام.
لقي زكريا عليه السلام من بني إسرائيل وحكامهم وناله من قومه الأذى الكثير، وتوالت عليه الأهوال العظام والشدائد الثقال فصبر عليه السلام الصبر الجميل حتى وهن العظم منه وضعف وخار واشتعل الشيب في رأسه. وقد كان زكريا قبل أن يكرمه الله بالرسالة ويختاره لإنقاذ بني إسرائيل من الشقاوة والضلال من كبار الصالحين الربانيين الذين لهم شركة في خدمة الهيكل، ثم نبأه الله تعالى وجعله رسولًا إلى بني إسرائيل، وكان عمران والد مريم إمامهم وسيدهم.
يقول الله تبارك وتعالى إخبارًا عن نبيه زكريا:{إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاء خَفِيًّا * قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُن بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا}سورة مريم.
سيرة النبيّ زكريّا
زخرت سيرة النبيّ زكريّا -عليه السّلام- بعدّة أحداث؛ منها:
نسب النبيّ زكريّا وعمله: يُنسب زكريّا -عليه السّلام- إلى بني إسرائيل، واختُلِف في اسم أبيه بين حنّا ودان وأدن، ويصل نسبه إلى نبيّ الله سليمان بن داود، وزكريّا هو أبو النبيّ يحيى عليهما السّلام، وجاء عند المؤرّخين أنّه عاش في دمشق، وأنّه كان فيها عندما قُتِل ابنه يحيى، وكان يأكلُ من كسب يده؛ فقد عَمِل نجّاراً، وعُرِف عنه أنّه كان يمتهن النّجارة بيده.
علاقة زكريّا بمريم: ورد عن الإمام القرطبيّ أنّ العلاقة التي تربط زكريّا -عليه السّلام- بمريم -عليها السّلام- كانت من جهة زواجه بخالتها؛ فزكريّا هو زوج خالة مريم، وفي قول آخر: أنّه زوج أختها، وعند القتبيّ: أنّ امرأة زكريّا -عليه السلّام- اسمها إيشاع بنت عمران، وبناء على هذا القول فإنّ يحيى ابن خالة عيسى عليه السّلام.
دعاء زكريّا: عندما بلغ زكريّا -عليه السّلام- عمراً كبيراً حدثت معه عدّة أحداث، منها:
بعد أنْ رأى زكريّا -عليه السّلام- نفسه وقد بلغ به العمُر مبلغاً كبيراً، واشتعل رأسه من كثره الشّيب، وتذكّر أنّ امرأته عاقرٌ ولم تنجب له مولوداً، فأحسّ بالخوف على اندثار الشّريعة وفساد النّاس، وأصابه الهمّ من أنْ يترك الدنيا دون وليّ يرثُ عنه الحِكمة التي وهبها الله -تعالى- له؛ فتوجّه إلى الله -سبحانه وتعالى- بالدّعاء بأنْ يرزقه الولد؛ ليرثُ عنه النّبوّة والشريعة، قال الله -عزّ وجلّ- في سورة مريم واصفاً المشهد: (قالَ رَبِّ إِنّي وَهَنَ العَظمُ مِنّي وَاشتَعَلَ الرَّأسُ شَيبًا وَلَم أَكُن بِدُعائِكَ رَبِّ شَقِيًّا*وَإِنّي خِفتُ المَوالِيَ مِن وَرائي وَكانَتِ امرَأَتي عاقِرًا فَهَب لي مِن لَدُنكَ وَلِيًّا*يَرِثُني وَيَرِثُ مِن آلِ يَعقوبَ وَاجعَلهُ رَبِّ رَضِيًّا).
إنّ الذي زاد من حماس زكريّا -عليه السّلام- ورجاءه بالله -تعالى- ذهابه ذات يوم إلى المعبد، فوجد مريم -عليها السّلام- معتكفة في محرابها، تناجي ربّها، ورأى عندها في المحراب ما شدّ انتباهه، حيث رأى بين يديها فاكهة الصيف في وقت الشتاء، وعندما سألها عن سرّ ذلك، أخبرته أنّ هذا رزق من الله بغير حساب، قال الله تعالى: (كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقًا قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّىٰ لَكِ هَـٰذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ).
ولقد أثارت رؤية مريم -عليها السّلام- عند محرابها شجوناً كثيرة في نفس زكريّا عليه السّلام، وتعمّق إيمانه بالله -تعالى- بعد أنْ رأى عجائب قدرة الله -تعالى- مع مريم عليها السّلام؛ فدعا ربّه بأنْ يهبه الولد رغم غياب الأسباب الظاهرة؛ فهو طاعن في السّن، وزوجته عاقر، وتوجّه بقلب مخبتٍ إلى الله تعالى: (رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ)،[١٣] وفي سورة الأنبياء قال الله -تعالى- عن زكريّا عليه السّلام: (وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ)،[١٤] ثمّ جاءت البِشارة الإلهيّة عن طريق الملائكة تُبشّر زكريّا بإجابة دعائه: (يا زَكَرِيّا إِنّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسمُهُ يَحيى لَم نَجعَل لَهُ مِن قَبلُ سَمِيًّا)،[١٥] وكان هذا المشهد من حياة نبيّ الله زكريا الذي خلّده القرآن الكريم تأكيداً على أنّ قدرة الله -تعالى- لا تُقاس بالأسباب، ولا تفرضها القوانين، وإنّ أمر الله -تعالى- لا يحتاج إلى توفّر مُقدّمات ومتطلّبات.
كفالة زكريا عليه السلام لمريم أم نبي الله عيسى عليهم السلام
كان نبي الله زكريا عليه السلام متزوجًا بإيشاع أخت مريم وهذا قول الجمهور، وقيل زوج خالتها إيشاع والله أعلم.
وكانت حنة زوجة عمران من الصالحات العابدات قد كبِرت وعجزت ولم تلد ولدًا، فبينما هي في ظل شجرة إذ أبصرت طائرًا يطعم فرخًا له، فاشتهت الولد ودعت الله تعالى أن يهبها ولدًا، ونذرت إن رزقها الله تعالى ولدًا أن تجعله من سَدَنة بيت المقدس وخدمه، وحررت ما في بطنها ولم تكن تعلم ما هو، وكان النذر المحرر عندهم هو أن يجعل الولد لله يقوم بخدمة المسجد ولا يبرح منه حتى يبلغ الحلم فإذا بلغ خيّر، فإن أحب أن يقيم فيه أقام وإن أحب أن يذهب ذهب حيث شاء.
ثم مات عمران زوج حنة وهي حامل بمريم عليها السلام، فلما وضعت حملها إذا هو أنثى، يقول الله تعالى إخبارًا عن أم مريم حنة قالت:{رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنثَى وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وِإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ}سورة ءال عمران، قيل: هذا من تمام اعتذارها، ومعناه لا تصلح الأنثى لما يصلح له الذكر من خدمته المسجد والإقامة فيه لما يلحق الأنثى من الحيض والنفاس، ويقول تعالى حكاية عنها أيضًا:{وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وِإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ}سورة ءال عمران.
وعندما ولدت”حنة”زوجة عمران مريم عليها السلام لفّتها في خرقة وحملتها وانطلقت بها إلى المسجد ووضعتها عند الأحبار العلماء أبناء هارون، وكانوا يلون من بيت المقدس ما يلي بنو شيبة من الكعبة المشرفة وقالت لهم: “دونكم هذه المنذورة” فتنافسوا فيها لأنها كانت بنت إمامهم وسيدهم عمران الذي كان من علماء بني إسرائيل الصالحين وكانوا يقترعون على الذين يؤتون بهم إلى المسجد لخدمته، فقال زكريا عليه السلام وكان نبيهم يومئذ: أنا أحق بها لأن خالتها عندي، وذلك أن الخالة كما ورد في الحديث بمنزلة الأم، فأبوا وطلبوا الاقتراع عليها وقالوا: نطرحُ أقلامنا في النهر الجار قيل هو نهر الأردن فمن صعد قلمه فوق الماء فهو أحق بها، فذهبوا إلى ذلك النهر وألقوا فيه أقلامهم التي كانوا يكتبون بها التوراة فارتفع قلم زكريا فوق الماء ورسبت أقلامهم، فأخذها زكريا عليه السلام وكفلها وضمنها إلى خالتها “أم يحيى” واسترضع لها حتى كبرت ووضعها في غرفة في المسجد لا يرقى إليها إلا بسلم ولا يصعد إليها غيره، وكان يغلق عليها الباب ومعه المفتاح لا يأمن عليه أحدًا، وكانت إذا حاضت أخرجها إلى منزله لتكون مع خالتها “أم يحيى”، وقد كان نبي الله زكريا عليه السلام يرى من عجائب قدرة الله تعالى من الكرامات في حفظ هذه السيدة الطاهرة العفيفة ما يبهر العقول، يقول الله سبحانه:{فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقًا قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَـذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ إنَّ اللّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ}سورة ءال عمران.
كان نبي الله زكريا عليه السلام إذا دخل على مريم عليها السلام في المحراب وهو معبدها الذي تعبد فيه الله تعالى وهو سيد المجالس وأشرفها في المسجد يجد عندها من الرزق وهو الفاكهة ما لا يوجد مثله في البلد أو عند سائر الناس، فقد كان يجد عندها فاكهة الصيف في الشتاء وفاكهة الشتاء في الصيف، وهذه من الكرامات التي يُكرم الله تعالى بها أولياءه الأولياء والوليّات.
وقد كانت السيدة الجليلة مريم عليها السلام من الصالحات العابدات تقوم بالعبادة ليلها ونهارها، حتى صارت يُضرب بها المثل بالعبادة والطاعة في بني إسرائيل، ولقد اشتهرت هذه السيدة الطاهرة العفيفة بما ظهر عليها من الأحوال الكريمة والصفات الشريفة.
وفاة سيدنا زكريا حسب الروايات
عاش سيدنا يحيى مع أبيه الشيخ الكبير سيدنا زكريا عليهم السلام حياة مليئة بالدعوة والتقرب إلى الله تعالى، ولكن بنو إسرائيل الذين قتلوا الأنبياء والرسل قد تآمروا على قتل سيدنا زكريا، وقد تبلغ سيدنا زكريا بأن القوم تآمروا عليه لقتله، فهرب منهم ودخل الغابة يركض بين الأشجار وبنو إسرائيل خلفه معهم منشار يريدون قتله وقطعه عليه السلام.
رأى سيدنا زكريا شجرة كبيرة في الغابة قد فتحت له بعد أن أذن الله عز وجل لها أن تفتح ليختبئ بها، ولما دخل سيدنا زكريا بها واختبأ كان إبليس حاضرا فأمسك بجزء من ثوب سيدنا زكريا وأخرجه خارج الشجرة، وأغلقت الشجرة على سيدنا زكريا، وبذلك دل إبليس بني إسرائيل على مكانه فجاء بنو إسرائيل حول الشجرة وبدؤوا ينشرونها ونبي الله فيها، فلما وصل المنشار لجسد سيدنا زكريا أصبح يصدر أنينا عليه السلام من الألم، فقال له الله عزوجل يا زكريا لإن لم يسكتن أنينك لأقلبن الأرض بمن فيها فسكت زكريا رحمة بأمته حتى لا يهلكهم الله عزوجل ونشر سيدنا زكريا إلى نصفين، وبذلك كانت وفاته عليه السلام.
وقتل بنو إسرائيل سيدنا زكريا والأنبياء والرسل إنما لعندهم وتكبرهم، ولأن أنبياء الله أتو بما لا يتناسب مع أهوائهم لقوله تعالى ( أفكلما جاءكم رسول بما لا تهوى أنفسكم استكبرتم ففريقا كذبتم وفريقا تقتلون).



705 Views