فوائد التاريخ الاسلامي

كتابة سالي - تاريخ الكتابة: 6 سبتمبر, 2018 12:24
فوائد التاريخ الاسلامي


فوائد التاريخ الاسلامي سنتعرف معاً اليوم من خلال هذه المقالة فوائد التاريخ الاسلامى واهمية معرفه جميع الاحداث التاريخية الهامة.

يقول ابن الأثير – رحمه الله – في فوائد التاريخ :

” ولقد رأيت جماعة ممن يدعي المعرفة والدراية ، ويظن بنفسه التبحر في العلم والرواية ، يحتقر التواريخ ويزدريها ، ويعرض عنها ويلغيها ، ظنا منه أن غاية فائدتها إنما هو القصص والأخبار ، ونهاية معرفتها الأحاديث والأسمار ؛ وهذه حال من اقتصر على القشر دون اللب نظره ، وأصبح مخشلباً جوهره ، ومن رزقه الله طبعا سليماً ، وهداه صراطا مستقيماً ، علم أن فوائدها كثيرة ، ومنافعها الدنيوية والأخروية جمة غزيرة ، وها نحن نذكر شيئا مما ظهر لنا فيها ، ونكل إلى قريحة الناظر فيه معرفة باقيها .

فأما فوائدها الدنيوية فمنها :

1) أن الإنسان لا يخفي أنه يحب البقاء ، ويؤثر أن يكون في زمرة الأحياء ، فيا ليت شعري ! أي فرق بين ما رآه أمس أو سمعه ، وبين ما قرأه في الكتب المتضمنة أخبار الماضين وحوادث المتقدمين ؟ فإذا طالعها فكأنه عاصرهم ، وإذا علمها فكأنه حاضرهم .
2) ومنها : أن الملوك ومن إليهم الأمر والنهي إذا وقفوا على ما فيها من سيرة أهل الجور والعدوان ، ورأوها مدونة في الكتب يتناقلها الناس فيرويها خلف عن سلف ، ونظروا إلى ما أعقبت من سوء الذكر ، وقبيح الأحدوثة ، وخراب البلاد ، وهلاك العباد ، وذهاب الأموال ، وفساد الأحوال : استقبحوها ، وأعرضوا عنها
واطرحوها .
وإذا رأوا سيرة الولاة العادلين وحسنها ، وما يتبعها من الذكر الجميل بعد ذهابهم ، وأن بلادهم وممالكهم عمرت ، وأموالها درت ، استحسنوا ذلك ورغبوا فيه ، وثابروا عليه وتركوا ما ينافيه ، هذا سوى ما يحصل لهم من معرفة الآراء الصائبة التي دفعوا بها مضرات الأعداء ، وخلصوا بها من المهالك ، واستصانوا نفائس المدن وعظيم الممالك . ولو لم يكن فيها غير هذا لكفى به فخرا .
3) ومنها : ما يحصل للإنسان من التجارب والمعرفة بالحوادث ، وما تصير إليه عواقبها ، فإنه لا يحدث أمر إلا قد تقدم هو أو نظيره ، فيزداد بذلك عقلا ، ويصبح لأن يقتدى به أهلا .
ولقد أحسن القائل حيث يقول :
رأيت العقل عقليــن فمطبوع ومسمــوع
فلا ينفع مسمــوع إذا لـم يـك مطبـوع
كما لا تنفع الشمس و ضوء العين ممنـــوع
يعني بالمطبوع : العقل الغريزي الذي خلقه الله تعالى للإنسان ، وبالمسموع : ما يزداد به العقل الغريزي من التجربة ، وجعله عقلاً ثانيا : توسعا وتعظيما له ، وإلا فهو زيادة في عقله الأول .
4) ومنها : ما يتجمل به الإنسان في المجالس والمحافل من ذكر شيء من معارفها ، ونقل طريفة من طرائفها ، فترى الأسماع مصغية إليه ، والوجوه مقبلة عليه ، والقلوب متأملة لما يورده ويصدره ، مستحسنة ما يذكره .
وأما الفوائد الأخروية :
1) فمنها : أن العاقل اللبيب إذا تفكر فيها ، ورأى تقلب الدنيا بأهلها ، وتتابع نكباتها إلى أعيان قاطنيها ، وأنها سلبت نفوسهم وذخائرهم ، وأعدمت أصاغرهم وأكابرهم، فلم تبق على جليل ولا حقير ، ولم يسلم من نكدها غني ولا فقير ، زهد فيها وأعرض عنها ، وأقبل على التزود للآخرة منها ، ورغب في دار تنزهت عن هذه الخصائص ، وسلم أهلها من هذه النقائص .
ولعل قائلا يقول : ما نرى ناظرا فيها زهد في الدنيا ، وأقبل على الآخرة ورغب في درجاتها العليا !!
فيا ليت شعري ! كم رأى هذا القائل قارئاً للقرآن العزيز- وهو سيد المواعظ وأفصح الكلام – يطلب به اليسير من هذا الحطام ؟! فإن القلوب مولعة بحب
العاجل .
2) ومنها : التخلق بالصبر والتأسي ، وهما من محاسن الأخلاق ، فإن العاقل إذا رأى أن مصاب الدنيا لم يسلم منه نبي مكرم ، ولا ملك معظم ، بل ولا أحد من البشر : علم أنه يصيبه ما أصابهم ، وينوبه ما نابهم .
وهل أنا إلا من غزية إن غوت غويت وأن ترشد غزية أرشد
ولهذه الحكمة وردت القصص في القرآن المجيد ، ( إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد ) .
فإنْ ظن هذا القائل أن الله سبحانه أراد بذكرها الحكايات والأسمار : فقد تمسك من أقوال الزيغ بمحكم سببها ، حيث قالوا : هذه أساطير الأولين اكتتبها .
نسأل الله تعالى أن يرزقنا قلباً عقولاً ولساناً صادقاً، ويوفقنا للسداد في القول والعمل وهو حسبنا ونعم الوكيل ” .

فوائد الاطلاع ومعرفة التاريخ

قد يتساءل البعض ما لنا والسابقين وأخبارهم وتاريخهم، وما الدافع لنا للاطلاع على الكتب القديمة، التي اندثرت وراح زمانها وبليت علومها وأخبارها. هذا ما قد يقوله البعض لكن هؤلاء وغيرهم إذا ما عرفوا قيمة هذا الاطلاع وضرورة معرفة واستقراء الأحداث والتجارب لما أضاع فرصة أتيحت له إلا وغرف من معين تجاربهم وحصد من نتائج أخبارهم.
وبكلام آخر سنسأل أنفسنا ما الذي يمكننا أن نستفيده من تاريخ السابقين ومالذي سيحملنا على الاطلاع على كتبهم وأخبارهم، فيما يلي جملة من الفوائد أعرضها بإيجاز:
أولا: نتعرف على أخبار الأنبياء والمرسلين، فبمعرفة قصصهم نزداد إيماناً بهم وبرسالاتهم، فالإيمان بهم ومعرفتهم من أركان الإيمان، وقراءة ما أُرخ عنهم يكون معيناً على فهم ودراسة الأديان.
ثانياً: نتعرف على أخبار المجددين والمصلحين على مر العصور والأزمنة، فقراءة ومعرفة أحوالهم يرفع الهمة، ويدفع اليأس، ويمنح النفس أملاً، وقد يحفز ويزرع فيك الحرص على العمل الدؤوب لأجل الإصلاح والدعوة ونشر الحق ودعمه.
ثالثاً: نتعرف إلى طرق وأساليب قيام دولة واستمرارها وأسباب سقوطها، فالتاريخ يلخص لنا تجارب دول على مر الأيام منذ نشأتها إلى تطورها حتى سقوطها، والدول شأنها في هذه الحياة شأن كل شيء يجري عليها قانون للأسباب، ونواميس الكون وسننه فالمتأمل في صفحات التاريخ سيلاحظ كيف نشأت وعلى ماذا استندت في نشأتها ويجد أسباب قوتها، ويلمس أسباب ضعفها، ويرقب أسباب موتها أو قتلها.
رابعاً: إذا ما اطلعنا على تجارب الآخرين فإننا سنستقي المواعظ والعبر،، فإن الأمثلة الحية الواقعية والنماذج تؤثر في النفوس أخبارها.
خامساً: إذا ما اطلعنا على التاريخ وتجارب السابقين فإننا سنكون قد ملأنا النفس بالتفاؤل وبثثنا روح الأمل فيها وفي المجتمع.

فوائد القصص التاريخية:

إن للقصص التاريخية فوائد جمة من أهمها:
1- تثبيت قلوب المؤمنين:
قال تعالى: ﴿ وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ [هود: 120].
وقال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ وَلَقَدْ جَاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ ﴾ [الأنعام: 34].
قال الجنيد رحمه الله: ” الحكايات جند من جند الله عز وجل يقوي بها إيمان المريدين”.
اقرؤوا التاريخ إذ فيه العبر ♦♦♦ ضل قوم ليس يدرون الخبر
2- أنها سبيل إلى معرفة سير أهل الصلاح والاقتداء بهم:
قال تعالى: ﴿ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ ﴾ [الأنعام: 90]، قال أبو حنيفة رحمه الله: “الحكايات عن العلماء ومحاسنهم أحب إلي من كثير من الفقه لأنها آداب القوم”.
3- أنها سبيل إلى أخذ العبر والدروس من السابقين:
قال تعالى: ﴿ لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى ﴾ [يوسف: 111].
4- معرفة السنن الكونية من سنن التمكين والنصر ونهاية الظالم ونصر المؤمنين الصادقين ولو بعد حين:
كما قال تعالى: ﴿ أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ أُولَئِكُمْ أَمْ لَكُمْ بَرَاءَةٌ فِي الزُّبُرِ ﴾ [القمر: 43]، وقال سبحانه: ﴿ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الأنبياء: 88]، وقال جل وعلا: ﴿ وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ ﴾ [سبأ: 17].
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: “وقد قص الله على نبيه صلى الله عليه وسلم خبر ما مضى من خلق المخلوقات وذكر الأمم الماضين
وكيف فعل بأوليائه وما ذا حل بأعدائه وبين ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم بيانا شافيا”.
ولما في القصص التاريخي من فوائد وعبر فإن الله سبحانه قص في كتابه كثيرا من القصص للأنبياء وغيرهم.
قال تعالى: ﴿ كَذَلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ مَا قَدْ سَبَقَ وَقَدْ آتَيْنَاكَ مِنْ لَدُنَّا ذِكْرًا ﴾ [طه: 99].
وقال سبحانه: ﴿ ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْقُرَى نَقُصُّهُ عَلَيْكَ مِنْهَا قَائِمٌ وَحَصِيدٌ ﴾ [هود: 100].
والقصص القرآني أحسن القصص كما قال جل وعلا: ﴿ نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ ﴾ [يوسف: 3].



649 Views