حكم تداول العملات

كتابة محمد البكر - تاريخ الكتابة: 6 يونيو, 2018 10:35
حكم تداول العملات


حكم تداول العملات سنقدم لكم متابعينا كل ماتودون معرفته عن حكم تداول العملات وماهى الشروط الواجب توافرها لتداول العملات.

النّقود والعُملات في الإسلام

بحث الفُقَهاء القُدامى والمعاصرون الأحكام الشرعيّة المُتعلِّقة بما يخصّ النّقود والأموال والعُملات عموماً، وقد طُرِح ذلك في الاتّجاهات والاختلافات جميعها، مثل: تعامُل الأشخاص فيما بينهم، أو تعامُل الشّركات الكُبرى مع بعضها البعض، أو حتّى تعامُلات الدُّوَل، والمؤسَّسات، والهيئات الماليّة الرسميّة والخاصّة، وذلك إن دلّ فإنّما يدلّ على عِظَم الشّريعة الإسلاميّة، واتّساع مجالاتها، وتعلُّقها بشتّى جوانب الحياة؛ حيث كان للمعاملات الماليّة نصيبٌ أكبر في الفقه الإسلاميّ، وسيبحث هذا المقال بعد توفيق الله مسألة تداوُل العُملات: حُكمها، وصورتها العمليّة، وتأصيلها الشرعيّ، وغير ذلك من الأمور؛ بهدف الوصول إلى صورة أظهر لحُكمها، وكيفيّة التّعامُل مع تلك المسألة، ونظرة الإسلام لها عمليّاً.

حكم تداول العملات عن طريق النت

هذه من المسائل المعاصرة التي جدت وتختلف فيها الأنظار. وحقيقة تداول العملات عقد مصارفة بين جنسين من النقود وقد دلت النصوص على اشتراط شرط فيها لا يصح العقد بدونها وهو القبض في نفس المجلس لما ثبت في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلًا بمثل ولا تشفوا بعضها على بعض ولا تبيعوا الورق بالورق إلا مثلًا بمثل ولا تشفوا بعضها على بعض ولا تبيعوا منها غائبًا بناجز).
واختلف الفقهاء في تحديد مفهوم القبض الوارد في النصوص ومتى يتحقق. والذي يظهر عند المحققين أن وصف القبض من الأمور التي وردت في الشرع مطلقة غير مقيدة بقيود وما كان كذلك رجع في تقييده إلى دلالة العرف فإن كان العرف المعتبر المضطرد يعده قبضا محرزا كان وجوده قبضا صحيحا ينفذ به العقد. وما كان لا يعد في العرف قبضا كان وجوده كعدمه لا يؤثر على صحة العقد ولا ينفذ به. ولا شك أن العرف يتجدد من زمان لآخر ومكان لآخر وقد يكون في بعض صوره المتجددة أكثر إحرازا وتوثقا من الصورة القديمة. ولذلك اختلفت عبارات الفقهاء في تعيين وتحديد القبض في كثير من المحرزات في باب البيوع والصرف وهذا راجع كله إلى تطبيق هذا الأصل.
ولا شك أن المعاملات الالكترونية اليوم تتحقق فيها الدقة والثقة المالية وسرعة التنفيذ والالتزام في الأنظمة المصرفية والقوة الاعتبارية للأوامر. وحاليا صارت بمنزلة المعاملات المصرفية وصارت موضع ثقة في جميع معاملات الناس في سوق العمل من بيع وشراء وحوالات وغيرها مما يقوي الاعتماد عليها.
فعلى هذا لا يظهر مانع شرعي من تداول العملات وشرائها وبيعها عن طريق الأوامر التي تنفذ في الشبكة لأنها قبض معتبر تتحق فيها انتقال الثمن والمثمن في نفس اللحظة وتتحقق فيها الملكية التامة لكل من الطرفين بعد تنفيذ المعاملة ومما يؤكد ذلك أننا إذا فحصنا الحساب وجدنا العوض انتقل إليه. وسواء كان ذلك التداول عن طريق الحساب الخاص الذي يملكه الشخص في بنكه أو عن طرق الحساب الخاص لدى شركة الوسيط الموثوق فيه في سوق المال. المهم أن يتحقق صحة العقد وانتقال العوض إلى حساب المشتري فور الانتهاء من إتمام العملية الالكترونية.
وهذا الحكم خاص بعملية المصارفة وشراء العملات فقط ولا يتناول ما استجد من عمليات أخرى مصاحبة لهذه العملية كإقراض الوسيط مالا للمشتري وغير ذلك فالجواز إذن مرهون بملكية المشتري والبائع للمال ملكا تاما وأن يكون العقد حالا منجزا وأن يكون الوسيط ذو ثقة اعتبارية في السوق المالي وأن يتم القبض حالا في نفس الصفقة.
والله أعلم وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.

معنى النّقود والعُملات

النّقود لُغةً
النّقود في اللغة: جمع نَقْدَ، والنّقد خلاف النّسيئة، والنّقد والتّنقاد: هو تمييز الدّراهم، وإخراج الزّائف والرّديء منها، ونَقَده إيّاها نقداً: أعطاها له وقبضها منه، والنّقد كذلك: تمييز الدّراهم، وإعطاؤها لإنسانٍ وأخذُها منه.
النّقود والعُملات اصطِلاحاً
النّقود والعُملات في الاصطلاح: تعني جميع ما تتعامل به الأُمَم والشّعوب ممّا له قيمة ماديّة، مثل: الدّنانير الذَّهبيّة، والدّراهم الفضيّة، والفلوس النحاسيّة، وعرَّف علماء الاقتصاد المعاصرون النّقود والعُملات بأنّها: (أيّ شيء يكون مقبولاً قبولاً عامّاً كوسيط للتّبادُل، وقياس العُمْلة). وقد عرَّفت مجلة الأحكام العدليّة العُملات والنّقود بأنّها: الذّهب والفضّة، وفي موضعٍ آخر ذكرت بأنّ المقصود بالنّقود والعُملات جميع ما يمكن أن يكون بدَلاً للمبيع، ويتعلّق بالذمّة.
يرى بعض الفقهاء القُدامى أنّه يُمكن تعريف النّقد والعُملات بأنّها جميع ما يجري التّبادل فيه على كونه مالاً، كما يرى صاحب المُدوّنة الكُبرى حيث يقول في معناها: (وَلَوْ أَنَّ النَّاسَ أَجَازُوا بَيْنَهُمْ الْجُلُودَ حَتَّى تَكُونَ لَهَا سِكَّةٌ وَعَيْنٌ لَكَرِهْتُهَا أَنْ تُبَاعَ بِالذَّهَبِ وَالْوَرِقِ نَظِرَةً)؛ والمقصود من كلام الإمام مالك؛ أنّ كلّ ما يجري التعامُل به على كونه مالاً يصلح لذلك ما دام قد جرى العُرف على قبول تبادله بين الناس كنقدٍ وعملة، حتّى لو أصبحت الجلود نقوداً تُستخدَم في البيع والشراء لَجازَ ذلك، ولجرت عليها أحكام التّبادُلات الماليّة كأن تُستبدَل بالذّهب والفضّة إلى آجل، وهذا في باب الصّرف.
والمقصود من الكراهة في قول الإمام مالك سابق الذِّكر، إنّما المُراد به الكراهة التحريميّة؛ إذ إنّ تبادُل المال بالمال مُحرَم بالاتّفاق، وموضع الشّاهد أنّ الجلود إن تعارف النّاس على صيرورتها نقوداً فإنّه يحرُم عند التّعامُل بها ما يحرم بالتّعامُل لأيِّ نقدٍ آخر، مثل: الذّهب، والفضّة، وغيرهما من الأثمان، وكأنّه يقول: إنّ النّقود هي كلّ ما يتعارف عليه النّاس، ويُصبح ثمناً في تعامُلاتهم الماليّة، ويصلح لأن يكون ديناً في الذمّة، ويُؤدّي وظيفة الذَّهب والفضّة؛ سواءً كان معدنيّاً، أو ورقيّاً، أو غير ذلك.

حُكم تداوُل العُملات

لا شكّ أنّ التعامُل في العُملات جائزٌ شرعاً ما دام قد خلا من الشّروط المُحرَّمة، أو ما يجعل المُعاملة تنقلب إلى الحرام بدخول الرِّبا، والقمار، والغرر، والخداع إليها، وربّما يُقصَد من هذه المقالة نوعٌ خاصٌّ من المُعاملات، حيث يُشترَط فيها أن يكون التّقابُض بعد مُدّة من العقد، ولا يودَع المبلغ في حساب المُتعاقِد إلا بعد مرور تلك المُدّة، فهذا الشّرط بطبيعته مُبطِلٌ للعقد، ويدخله الحرام من عدّة أوجه، وقد ناقش مجمع الفقه الإسلاميّ هذه المعاملة وخلُص إلى حرمتها بالاتّفاق.
وقد سمّى المجلس هذا النوع من التّعامُل باسم المُتاجَرة بالهامش؛ وهي تعني أن يدفع المُشتري جزءاً من ثمن ما يرغب بشرائه، ويدفع الوسيط باقي المبلغ على شكل قرض، وتبقى العقود المُشتراة لدى الوسيط، مرهونةً بمبلغ القرض،وفيما يخصّ قرار المجمع الفقهيّ وتفصيلاته، وسبب تحريم هذا النّوع من التعامُل، فبيان ذلك فيما يأتي:

ما تشمله مُعاملة المُتاجَرة بالهامش

بعد استماع مجلس المجمع الفقهيّ للبحوث المُقدَّمة بخصوص هذا النّوع من التّعامُل ومناقشتها، وجدَ أنّ هذه المُعاملة تتكوّن من الآتي:
المُتاجَرة: وتكون عن طريق بيع وشراء الأوراق الماليّة التي تُعرَف باسم الأسهُم والسّندات، أو بيع وشراء بعض أنواع السِّلع، أو ربّما تشمل بيع وشراء عقود الخيارات، وعقود المستقبليات، وغير ذلك من التّجارات بأنواعها.
القرض: هو المبلغ الذي يدفعه الوسيط-المصرف، أو غيره للعميل.
الرِّبا: حيث يجري الرّبا في هذه المعاملة عن طريق رسوم التّبييت، وهي فائدة مشروطة على المُستثمِر في حال لم يتصرّف في الصّفقة في اليوم نفسه، وربّما تكون تلك الفائدة نسبةً مئويّةً، أو مبلغاً مقطوعاً.
السّمسرة: هي عبارة عن مبلغ يحصل عليه الوسيط لقاء المُتاجَرة عن طريقه؛ بحيث يحصل المصرف على نسبة مُتَّفق عليها من قيمة المتاجرات التي تحصل عن طريقه.
الرَّهن: حيث يلتزم العميل عن طريق توقيع اتفاقيّةٍ تقتضي إبقاء عقود المُتاجَرة لدى الوسيط كنوعٍ من الرّهن؛ لضمان مبلغ القرض الذي دفعه الوسيط، وللوسيط الحقّ في بيع تلك العقود لغايات استيفاء القرض إذا بلغت خسارة العميل نسبةً مُعيَّنةً من الهامِش.

أسباب تحريم التّعامل بالمُتاجرة بالهامش

رجَّح المجلس حُرمة التعامُل بهذا النوع من التّعامُلات؛ للأسباب الآتية:
يشتمل هذا النوع من التعامُل على الرِّبا الصّريح، ويتمثّل في زيادة رسوم التّبييت على القرض، وهو من الرّبا المُحرَّم بلا شكّ، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ*فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ).
يشترط المصرف أن تتمّ التجارة عن طريقه؛ حيث يشترط الوسيط على العميل أن تكون تجارته من خلاله فقط، ممّا يجعل المُعاملة مُشترَكةً بين السّلف الذي هو القرض، والمُعاوَضة التي هي السّمسرة التي يأخذها المصرف أو الوسيط لقاء إتمامه للمُعاملة من خلاله، وقد نُهِي عن ذلك شرعاً؛ حيث اتّفق الفقهاء على أنّ أيَّ قرضٍ جرّ نفعاً فهو رباً.
تشتمل المُتاجَرة التي تجري في هذه المُعامَلة في الأسواق العالميّة غالباً على الكثير من العقود المُحرَّمة شرعاً، مثل: المُتاجَرة في السّندات والأسهُم المُحرَّمة، وبيع العُملات وشرائها دون إتمام شروط التّقابض والحلول المُشترَطة شرعاً، والتّجارة في عقود الخيار وعقود المستقبليات، وذلك حرامٌ شرعاً، كما أنّ الوسيط في هذه المعاملات يبيع ما لا يملك، وذلك ممنوعٌ شرعاً.
تشتمل هذه المعاملة العديد من الأضرار الاقتصاديّة على الأطراف المُتعامِلة بها، خاصّةً المستثمر، وكذلك تُلحِق الضّرر بالاقتصاد المحليّ عموماً؛ حيث تُوسّع الدّيون، والمجازفة، وغير ذلك، كما تشتمل الخِداع، والتّضليل، والشائعات، والاحتكار، والنجش؛ بهدف الثراء السّريع، وامتلاك مُدّخرات الآخرين حتّى لو جرى ذلك بطُرق غير مشروعة، إضافة إلى تحويل الأموال والعوائد الماليّة في المجتمعات من كونها نشاطاتٍ اقتصاديّةً حقيقيّةً مُثمرةً إلى كونها مجازفاتٍ اقتصاديّةً غير مُثمرةٍ، ممّا قد يؤدّي إلى حصول هزّات اقتصاديّة عالميّة ومحليّة عنيفة، ربّما تُلحق بالمجتمعات الخسائر والأضرار الفادِحة.



485 Views