تعريف الحرية فلسفياً

كتابة بدرية القحطاني - تاريخ الكتابة: 9 أبريل, 2022 4:37
تعريف الحرية فلسفياً


تعريف الحرية فلسفياً نتحدث عنها من خلال مقالنا هذا كما نذكر لكم مجموعة متنوعة أخرى من الفقرات مثل أنواع الحرية وتعريفات مختلفة للحرية ثم الختام ضوابط الحرية الشخصية تابعوا السطور القادمة لتفاصيل أكثر.

تعريف الحرية فلسفياً

-عند إيمانويل كانت
يؤمن إيمانويل كانت بأنّه لا يوجد أحدٌ يُلزم الإنسان بالتعامل أو التفكير بالطريقة التي يُريدها، ويرى أن كلَّ شخص يستطيع البحث عن سعادته وفرحه بالطريقة التي يراها مناسبة له.
-عند سارتر
يقول سارتر إنّه لا يوجد فرق بين وجود الإنسان منذ ولادته وحصوله على حريته، فهو يربط بين الوجود الإنسانيّ من حيث الحصول على الحرية، فالحرية عنده كائن بشري يُفرز عدمُه الخاصّ غاضاً البصرَ عن أحداث الماضي والمستقبل للإنسان، ويحاول سارتر لفت الانتباه الى مبدأ الثنائية.
-عند أرسطو
لقد اهتم أرسطو كثيراً بإنصاف الفرد وتحريره من كل أشكال الحتميّة، وقد آمن أرسطو بالحريّة الإنسانيّة إلى حدٍ كبير، ويؤكد أنّ بناء شخصية الإنسان من أهم الأشياء التي يجب على الإنسان الاهتمام بها، ويقول بأن الرذائل والفضائل التي نفعلها هي مسؤوليّة شخصيّة.
-عند السفسطائيين
تُعتبر الحرية عند السفسطائيين حرية عقيدة وسياسة وفنون وأخلاق، وقد ركّزوا في المفاهيم التربويّة التي وضعوها على مفهوم الشعور بالحريّة، والاعتزاز بالنفس، وقد جعلوها قائمةً على العقل الإنسانيّ، فهم ينظرون إلى الحياة على أنها مجموعةٌ من الأفعال الحرّة التي يقوم بها الإنسان من أجل تحقيق ذاته، ويُرجع الفلاسفة الفسطسائيون أن طول عُمر الإنسان يعود لتمتعه بالحرية النفسيّة الكاملة، وقد طالبوا بتوفير الحريّة لإرادة النفس الفرديّة، فمع الحريّة تبرز العقلانيّة الناصعة، فهي بذلك خطوة تعكس إيمانها العميق بالحرية الإنسانية.
-عند الأبيقوريّة
حاول الأبيقوريّون منذ القدم السعيّ الجادّ في محاربة المخاوف، والأوهام التي تُسيطر على عقل الشخص وتقف عثرة أمام حصولِه على حريته ومن ثم شعوره بالسعادة، فهم يؤمنون أنه بالرغم من الظروفِ السياسيّة والاجتماعية المُحبِطة التي يعيش فيها الفرد إلا أنّ عليه تحدّيها ومُحاولة التغلب عليها من أجل العيش بهدوء وحرية، وقد أعلن الأبيقوريون أن سعادة الإنسان كامنة في داخله، بل واعتبروا العمل على تحرير الإنسان من مخاوفه من مهام الفلسفة.

تعريفات مختلفة للحرية

لغةً واصطلاحاً
الحريّة لغةً: هي المصدر من حرّ، وهو نقيض العبد، والجمع منه حرائر، أمّا الحرّ من الناس: فهو أفضلهم وأخيرهم، والحرّ عند العرب: هو أشرفهم، أمّا مفهوم الحريّة اصطلاحاً فقد تعدّدت تعاريفه واختلفت اختلافاً كبيراً؛ حيث ورد تعريفها في إعلان حقوق الإنسان والذي صدر في عام 1789م على أنّها: حقّ الشخص في فعل ما لا يضرّ بالأشخاص الآخرين.
في الفقه الإسلاميّ
عرّف الدرينيّ الحريّة في الفقه الإسلاميّ بأنها: (المكانة العامّة التي قرّرها الشارع للأفراد على السواء؛ تمكيناً لهم من التصرّف على خيرةٍ من أمرهم دون الإضرار بالغير)، واستند في هذا التعريف على تعريف الفقهاء لمعنى الإباحة التي تقوم في أصل تشريعها على التخيير بين الفعل والترك، كما عرّفها الفاسي بأنّها: (جعلٌ قانونيّ وليس حقاً طبيعيّاً، فما كان للإنسان ليصل إلى حريته لولا نزول الوحي، وأنّ الإنسان لم يُخلق حرّاً، وإنما ليكون حرّاً) وعرّف الدكتور الغرايبة الحريّة بأنّها: (أصلٌ مركوزٌ في فطرة الإنسان، وجعلها مناط الابتلاء، كما جعل العقل مناط التكليف، فالله عزوجل الذي خلق الإنسان وكونه أراده عاقلاً حرّاً، ثمّ أناط به الخلافة في الأرض وإعمارها وفق منهجٍ تشريعيٍّ عباديٍ متّسق مع نواميس الكون وحركة الموجودات).
وقد دعى الإسلام إلى تحرير رقاب العبيد والتخلّص من صور العبودية التي كانت موجودةً في الجاهلية من خلال العديد من التعاليم الدينية، بالإضافة إلى تقرير الإسلام لحرية العقيدة والتوحيد، وقد تمثل ذلك في قوله تعالى: (وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَن فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا ۚ أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّىٰ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ)، بالإضافة إلى حرية الكسب، والتملك، حيث أعطى الإٍسلام الحرية الكاملة للإنسان في التملك من خلال العمل المشروع، على عكس العديد من الأنظمة السياسية العالمية التي تحرّم امتلاك الممتلكات المختلفة وتنسبها جميعاً لدولةٍ معينةٍ، أو فئة محدّدةٍ من الناس.

أنواع الحرية

تقسّم الحرية بناءً على وجهة نظر الفيلسوف (إيمانويل كانت) إلى عدّة انواع، منها:
-الحرية الداخليّة:
هي الحرية المرتبطة بالشخص، فهي حريةٌ تنبع من نفسه الداخلية.
-الحرية الفرديّة:
هي حرية قول وإبداء الآراء الشخصيّة ووجهات النظر المختلفة، بالإضافة إلى حرية الإنسان في اختيار مكان العيش، أو التخصّص المراد دراسته.
-الحرية الاجتماعيّة:
هي تعني الحرية التي يجب أن يتمتّع بها أفراد المجتمع كاملاً.
-الحرية السالبة:
يقصد بهذا النوع من الحرية الحقّ الطبيعيّ للإنسان باتخاذ قراراتٍ معينةٍ في مسيرة حياته، كما تعرف هذه الحرية أيضاً بالحرية الشخصية في العصر الحديث.
-الحرية الموجبة:
هي الحرية المعطاة للإنسان حتّى يستطيع ممارسة الحرية الشخصيّة أو السالبة، فعلى سبيل المثال لوكانت الحرية السالبة هي حرية إبداء الرأي، فالحرية الموجبة تعني استخدام الإعلام لممارسة الحرية السالبة.
-الحرية الخارجيّة:
هي الحرية الاجتماعية العامة والتي لها علاقةٌ بكلٍّ من الظروف الاجتماعية والسياسية المحيطة بالفرد.
لجماعة والفرد، فقد أصبح العالم عبارةً عن قريةٍ صغيرةٍ، وهذا أدّى إلى حدوث صراعاتٍ بين الكيانات الاجتماعيّة بسبب الفوارق الطبقيّة والمعرفيّة.

ضوابط الحرية الشخصية

-عدم انتهاك قيم الآخرين
يمتلك كلّ شخصٍ الحق في التعبير عن رأيه، ومعتقداته، وقيمه، ولا يحق لأيّ أحد انتهاك قيمه الأخلاقية، أو نقل الرسائل التي تحرض على الكراهية، والعنف، والعنصرية، والتمييز، ويجب أن يمتلك كلّ شخص الحق في الوصول إلى المعلومات، والتبادل الحر للأفكار والمعلومات، ويعتبر من المهم ضمان هذا الحق للأطفال بطريقة تحميهم من هذه الأفكار، كما يمتلك كلّ شخص الحق في حرية التدين، ويجب أن لا يخضع هذا الحق للتقييد.
-عدم الاعتداء على خصوصيات الآخرين
إنّ من ضوابط الحرية الشخصية عدم الاعتداء على خصوصيات الآخرين، وذلك في بيوتهم، وسياراتهم، والأماكن العامة، ولا يعتبر أخذ الشخص صورة شخصية له ونشرها على الإنترنت انتهاكاً للخصوصية لأنّه قام بنشرها في مكان عام يمكن لأيّ شخصٍ رؤيتها.
-عدم التحكم بالآخرين
إنّ تمتع الآخرين بالحرية لا يعني أنّهم يستطيعون الاعتداء على حرية الآخرين، فهذا لا يعتبر عملاً أخلاقياً ولا يمكن لأيّ شخص أن يجبر أحداً على القيام بأيّ شيء، حتّى وإن قام بتهديده بالسلاح، فالكثير من الأشخاص الذين تعرضوا للتهديد لم يمتثلوا ومنهم من مات بسبب ما يؤمنون به بدلاً من الامتثال لأوامر الآخرين، ويعتبر اعتقاد الأشخاص بأنّه يمكنهم السيطرة على الآخرين وإجبارهم، وثنيهم عن إرادتهم هو سبب البؤس الكبير في العالم، ويمكن الوصول إلى التحرر إذا توقف الأشخاص عن الإيمان بأنّهم يستطيعون السيطرة على الآخرين.
-الحرية لا تعني انعدام المسؤولية
لا تعني الحرية انعدام المسؤولية مطلقاً، حيث يكون الأشخاص مسؤولين عن أنفسهم وخياراتهم، ولا يلومون الآخرين أو الظروف، كما يكون الأشخاص غير مسؤولين عن تصرفات الآخرين سواء كان خوفهم، أو غضبهم، أو ألمهم، أو بؤسهم، حيث يعتبر ذلك خيارهم الذي يختارونه بحرية، وعليهم تحمل عواقب خياراتهم، فسعادتهم، ونجاحهم، وفرحتهم لا تعود لأحدٍ غيرهم.



277 Views