الحب من منظور مسيحى

كتابة مها العتيبي - تاريخ الكتابة: 13 يناير, 2021 5:18 - آخر تحديث : 3 يناير, 2023 10:58
الحب من منظور مسيحى


الحب من منظور مسيحى وماهو مفهوم الحب في المسيحية واهم انواع الحب في المسيحية من خلال هذه السطور التالية.

الحب من منظور مسيحى

قيل عن الكتاب المقدس أنه رسالة حب من الله إلى البشرية. ورغم أنه يتضمن بعض الصور القاسية والتحذيرات من دينونة الله، إلا أن الكتاب المقدس يمتليء أيضاً بالصور الخلاقة للتعبير عن الحب بين الله والبشر (مزمور 42: 1-2؛ إرميا 31: 3). ولكن المحبة والرومانسية ليسا متطابقين رغم أنهما متداخلين معاً. فيمكن أن نجد الرومانسية دون الحب الحقيقي، ويمكن أن نجد الحب دون المشاعر الرومانسية. ففي حين أن مقاطع كتابية مثل صفنيا 3: 17 تصف محبة الله لخاصته، فإن مقاطع أخرى مثل كورنثوس الأولى 13: 4-8 تذكر تفاصيل صفات المحبة التي لا علاقة لها بمشاعر الرومانسية. قال الرب يسوع: “لَيْسَ لأَحَدٍ حُبٌّ أَعْظَمُ مِنْ هَذَا أَنْ يَضَعَ أَحَدٌ نَفْسَهُ لأَجْلِ أَحِبَّائِهِ” (يوحنا 15: 13). لم يكن الموت البشع على الصليب من أجل الخطاة أمراً رومانسياً بأي حال، ولكنه كان التعبير الأعظم والأسمى عن المحبة (يوحنا الأولى 4: 9-10).

الحب بين الحلال والحرام

لا شك أن الحب أقدس عاطفة فى قلب الإنسان، مهما حاول الإنسان أن يدنسها بفجوره أو ينجسها بشروره، وذلك لأن الحب هو شعاعة من نور الله الذى هو محبة وفى دائرة الإيمان المسيحى نحن مطالبون لا بأن نحب بعضنا بعضاً فقط، بل أن نحب أعداءنا أيضاً، وبدون الحب تبدو الحياة جحيماً لا يطاق. فنحن نخلص من خطايانا بحب الله لنا فى صليب المسيح، ونحن ننمو فى حياة الإيمان بحبنا لله وتكريسنا الحياة له، ونحن نسعد فى عائلاتنا بالمحبة المتبادلة بيننا وبين زوجاتنا وأولادنا وإخواتنا
يعتبر موضوع الحب مشكلة الجيل بين الشباب في وقتنا الحاضر، وأصبح مادة دسمة لكتاب العصر، آما أضحى موضوع
الحديث المستعذب بين الشباب من الجنسين. ويقف الكثيرون من الشباب اليوم حيارى. هل ينساقون وراء هذا التيار الجارف الذي حطم
حياة الكثرين، أم أنه توجد توجيهات نبيلة تضع الأمور في نصابها حتى يعيش الشباب حياة مستقرة إلى أن يأتي الوقت لتهيئة عش الزوجية
وتكوين العائلة ؟
تلك أسئلة آثيراً ما واجهتني من الشباب، مؤمنين وغير مؤمنين، آانوا أو ما زالوا في سن الدراسة، يواجهون في معاهدهم
وآلياتهم مناظر شتى وإغراءات متعددة، ويستمعون بين الفينة والأخرى إلى أقوال معسولة ومبادئ متطرفة، وتجيش في أجسامهم الفتية
انفعالات عنيفة وحياة متفتحة، وتحيط بهم من آل جانب نداءات صارخة وقدوة سيئة. إنهم يحاولون أن يجدوا جواباً لحيرتهم ومرساة لسفينة
نفوسهم. إنهم يودون أن يحلقوا بنفوسهم في الأجواء الروحية السامية الغالية، لكنهم يعيشون بأجسادهم في الأرض الملوثة. وهنا تتضح
أهمية التوجيه الصحيح للشباب، وخاصة بين المؤمنين، مما يدعونا إلى أن نلقى بعض الأضواء على هذا الموضوع الحيوي

مفهوم الحب الحقيقي بحسب الانجيل

الحب كلمة ليست عادية وهى اقدس عاطفة واعظم كلمة فى قاموس المعاملات لكونها فخرا انها الله (الله محبه ) ويكفى لبيان اهمية الحب قول الكتاب ” من لايحب لايعرف الله لان الله محبة ” (1يو 8:4) .
الحب هو قوة حياة خلاقه هو طاقه الهية بالدرجة الاولى والله وحده هو الذى يعطى الانسان منها بقدر ما تحتمله طبيعته المحدودة ” الله محبة ” ( 1يو 16:4 ) هو مصدر المحبة وقد اوجد فينا امكانية المحبة حينما خلقنا على صورته ( تك 27 :1 ) وتصدر مشاعر المحبة كما ذكرنا من جهاز خاص فى نفس الانسان وهو العاطفة .
كلما كان الانسان متصالحا مع الله كلما كانت العاطفة نقيه مقدسة متحررة من الانانية فتصدر منها مشاعر الحب الحقيقى وتهرب منها الكراهية والانانية والشهوة .
والحب الحقيقى عند الانسان يسير على نمط حب الله لنا حب التضحية والبذل والعطاء دون انتظار للأخذ .
” بهذا قد عرفنا المحبة أن ذاك وضع نفسه لاجلبنا فنحن ينبغى لنا ان نضع نفوسنا لاجل الاخوة ” ( ايو 16: 3 ) .
الحب الحقيقى اذن هو الحب الناضج فليس كل تعلق عاطفى حباّ و ليس كل شاب يقول عن فتاة “انى احبها ” يكون ذلك حبا ّ حقيقياّ فقد يكون حب امتلاك او مجرد حب للذات اى يحب ذاته فيها .

أنواع الحب في المسيحية

1_حب الايروس eros

ويسمى أيضا الحب الطفولى أو الحب الأنانى الشهوانى، وإيروس هو اله الحب عند الأغريق، وكان اليونانيون القدماء يعبدونه باعتباره إلها للشهوة، أي أن حب الإيروس هو حب يتسم بالاخذ ورغبه الامتلاك، ولما كان الطفل الصغير يرغب في امتلاك كل ماهو حوله، حيث تسيطر عليه شهوة الانا الامتلاكى أو الحب الشهوانى الاستئثارى.
حب الإيروس هذا أو الحب الطفولى من المفترض أن يتعداه الإنسان كلما نضج ويتركه لينتقل للمستوى الارقى من الحب، ولكن من الملاحظ أن عدد كبير جدا من الجنسين من الشباب ينضج في العمر دون أن ينضج في الحب، فمع كونه شابا أو شابه إلا إنه لازال يعيش في الحب الطفولى الامتلاكى الانانى الشهوانى.
ويقول الدكتور عادل حليم، وهو أحد اعمق من كتب للشباب عن الحب والعاطفه: أن هذه الانانيه التي اخذها الفرد معه من الطفوله وامتد بها إلى مراحل عمره التالية تنطبع بلا شك على حياته بوجه عام وعلى حياته الجنسيه بوجه خاص فينظر للجنس الاخر كجسد لا كشخص ينظر له كشىء يمتلك ويستعمل ويستمتع به ثم يستغنى عنه احيانا ويصبح الجنس في نظره مجالا لاشباع شهواته اشباعا بيولوجيا مجردا تماما مثل اشباع المعدة الجائعه.
وقدم الانجيل قصه وردت في (2 صم 13) كانت “ثامار” جميله الشكل وكانت اخت “أمنون” من ابيه داود، واحبها أمنون، قال الكتاب احبها وعسر في عينى أمنون أن يفعل لها شيئا، وبمشورة صاحبه (الحكيم جدا) يوناداب تمارض أمنون وطلب من ابيه أن يرسل له ثامار لتخدمه، فذهبت مطمئنه لاخيها الذي يحبها ودخلت اليه بالاكل فامسكها وقال لها تعالى واضطجعى معى، فقالت له: لا يااخى لا تذلنى لا تعمل معى هذا الفعل القبيح، اما انا فاين اذهب بعارى، واما انت فتكون واحد من السفهاء في إسرائيل، فلم يسمع لصوتها بل تمكن منها وقهرها واضطجع معها، وهنا يقول الكتاب المقدس: (ثم ابغضها أمنون بغضا شديدا جدا، حتى أن البغضه التي ابغضها اياها كانت اشد من المحبه التي احبها اياها، وقال لها أمنون قومى انطلقى بل دعا غلامه الذي كان يخدمه وقال اطرد هذه عنى خارجا واقفل الباب ورائها)(2 صم 13: 15-17)، وهنا نسأل: هل الذي يحب يذل محبوبته ويفقدها عفتها ام يصون كرامتها ويحافظ على سمعتها ويجعل سمعتها في مجد وكرامه وطهارة أن حاله أمنون هذه تتكرر كثيرا هذه الايام، فما اسهل أن نجد شابا في ثانوى أو جامعه باسم الحب يتسلى مع هذه الفتاه اليوم، ومع تلك غدا، وواضح طبعا أنه لا يحب ولكن يريد اشباع شهواته الجسديه والعاطفيه أو شهوة الذات عندما يرى التفاف الكل حوله وتسابقهم معه على الوقوف معه.

حب الفيليا Philia:

حب الفيليا هو الحب الانسانى الطبيعى أو الحب الرومانسى، وهو نوع آخر من الحب أكثر نضوجا من حب الايروس فهو الحب الذي يتبادله الناس فيما بينهم، حيث يتبادلون المشاعر الإنسانية الرقيقه ومن خلاله تسود مشاعر الود بين البشر، ونرى هذا الحب في علاقات الصداقه بصفه عامه ونراه أيضا في العلاقه بين الرجل والمراة التي تتخذ احياناّ اتجاهاّ عاطفيا، فيه نجد حب “الفيليا” يخرج شحناته العاطفية المتدققة ويسمى لذلك (الحب الرومانسى).
حب الفيليا له ايجابياته التي تتمثل في أن الفرد يخرج بعض الشئ عن دائرة الذات التي رايناها في حب الايروس، إلى دائرة الاهتمام بالاّخر وتقديره واحترامه، وفيه قدر من العطاء المتبادل بعكس حب الايروس.
اما سلبيات حب الفيليا فهى تتمثل في أن العاطفة نحو الجنس الاخر تكون احياناّ جارفه متدفقه طاغية على العقل، مما يؤدى إلى الاندفاع وعدم التروى وتجاهل الظروف الاجتماعية بل أن هناك شبابا يتخذون قرار الارتباط الزوجى في لحظة عاطفة دون تحكيم العقل، مما يجعلهم يتغاضون عن عيوب جوهرية في شريك الحياة، فيؤثر ذلك على مستقبل الزواج ويهدده بالفشل.
ومن سلبياته أيضا التقلب والتغير، فكثيرا مايتغير هذا الحب بتغير ظروف الحياة خصوصا في فترة المراهقة، حيث يمكن أن ينقلب الشعور الذي كان يسميه الفرد حباّ إلى كراهيه أو عدم ارتياح بسبب وصول الفرد إلى درجة كافيه من الاستقرار والتوازن النفسى.
وبالرغم من أن حب الفيليا ارقى من حب الايروس إلا إنه يخفق في بلوغ الاتحاد والفرح الداخلى الأمر الذي يوفره حب الاغابى كما سنرى.
وذكر الكتاب المقدس، أن يعقوب أحب ابنه يوسف أكثر من سائر بنيه، (تك 3:37)، ونجد أيضا حب الفيليا في معظم زيجات ابرار العهد القديم، واحب يعقوب راحيل فقال “اخدمك سبع سنين براحيل” (تك 18:29).

الحب الاغابى Aghapy:

الحب الالهى أو المسيحى أو الحقيقى، ويعتبر اعلى واطهر وانقى مستويات الحب، لأنه حب من الله، فحب الله للخليقه هو حب الاغابى بل أن الله هو الحب ذاته ونحن قد عرفنا الحب حينما عرفنا الله وصدقنا المحبة التي الله فينا “الله محبة”.
أن حب الاغابى هو الحب الانسانى الاصيل الذي كان عند ادم وحواء قبل السقوط، حيث كان القلب نقيا والفكر مستنيرا بالله لذلك كان كل من ادم وحواء قادراّ على البذل الكامل والعطاء بلا توقف ولم يكن هناك حد فاصل بين حبهما لله وحبهما لبعضهما البعض حيث اكتسبا قدره الحب من الله.
وحينما سقط الإنسان وتغرب عن الله بارادته صارت ذاته الانا هي مركز اهتمامه فتحول الحب بالضرورة بعيدا عن الله وبهذا تحول حب الاغابى إلى الايروس أو الفيليا في احسن الأحوال، أما حينما تمم الابن الكلمة الازلى الفداء العظيم وجدد طبيعتنا بالروح القدس فان الحب الاغابى قد دخل إلى طبيعتنا من جديد حيث يثمر الروح القدس فينا أول ما يثمر محبة تصبح من طبع المؤمن واما ثمر الروح محبة Aghapy فرح سلام (غل 22:5).
حب الاغابى اذن هو اعلى درجات الحب حيث يسلك المسيحى بالبذل والتضحية وانكار الذات مدفوعا بنعمة خاصه من روح الله فيكون الحب الذي يسلك به المؤمن على نمط حب المسيح لنا “حب البذل حتى الموت”، وهو لذلك حب ليس بالكلام بل حب بالعمل والحق(1يو 18:3).
لقد تساءل يوحنا ذهبى الفم: من الذي كان يحب الاخر يوسف ام امرأة فوطيفار؟، لقد احبت أمراة فوطيفار يوسف وتعلق قلبها به وامسكت به أكثر من مرة حتى ترك لها ثوبه في المرة الأخيرة ولكن:
1-هل الذي يحب انساناّ يجبره على صنع شئ هو يمقته حتى تتمسك بثوبه ويخرج عاليا ؟
2- هل التي تحب انساناّ تنادى اهل بيتها لتشهر به كذباّ ؟
3-لقد احتقرته اذ تقول لزوجها “دخل إلى العبد الذي جئت به الينا” ( تك 17:39).
4-لقد زجت به في السجن بسلطان زوجها



579 Views