التقدم التقني في الفلسفة

كتابة هدى الراشد - تاريخ الكتابة: 19 نوفمبر, 2021 3:28
التقدم التقني في الفلسفة


التقدم التقني في الفلسفة وماهية التقنية وفلسفة التكنولوجيا: معناها ومبناها وايجابيات العالم التقني، هذا ما سوف نتعرف عليه فيما يلي.

التقدم التقني في الفلسفة

– في سائر الحضارات التي سبقت الحضارة الغربية، كان الفيلسوف ضليعاً بسائر أنواع المعارف والعلوم، لكن المعرفة التي كانت تحتلّ المرتبة الأسمى بين المعارف جميعاً، هي المعرفة الفلسفية، الحكمة، بعبارة أخرى؛ فكان يُطلَق على العالم العارف بالطب، بين جملة ما يعرف، اسم الحكيم، حتى اختلط الطبّ والعلم عموماً بالفلسفة، وامتزج اسم الفيلسوف بالطبيب. فكان ابن سينا، الذي ما زالت نظرياته الطبية تدرَّس في الجامعات الغربية إلى يومنا هذا، قمة بين الفلاسفة المسلمين، وكذلك نظريات ابن رشد والرازي وغيرهم .. وليس عبثاً أن يكون الفيلسوف في العصر الحديث مؤرخاً ومربّياً مثل مارسيل غوشيه، أو سوسيولوجياً مثل بيار بورديو.
-وما كان أكثر الحكماء بين العلماء. أما اليوم فما أكثر علماء الطب، وما أندر الحكماء بينهم، فقد كان من أخطر ما شهده تاريخ المعرفة الإنسانية ما حدث في القرن العشرين من فصل، باسم الابيستيمولوجيا، بين العلم والفلسفة، واعتبار العلم المعرفة الوحيدة، والفلسفة معرفة ناقصة، أو علماً ناقصاً. ثم آل هذا الفصل إلى فصل العلم عن العلم، ثم إلى فصل الفرع عن الفرع داخل العلم الواحد، وبرز التخصّص والاختصاص بوصفهما تعميقاً للمعرفة في فرع معرفي واحد نشأت عنه سطحية تكاد تصل حدّ الجهل بالمعارف الأخرى. وهذا ما وقف ضدّه، العالِم الفيلسوف بليز باسكال Blaise Pascal، في القرن السابع عشر، وحجته في ذلك أنه “لا يمكن لنا أن نكون كونيين، وأن نعرف كلّ ما يمكن أن يُعرف في كلّ شيء، فعلينا أن نعرف قليلاً في كلّ شيء.
– فأن نعرف قليلاً عن كلّ شيء أجمل من أن نعرف كثيراً عن شيء فقط. هذه هي الكونية الأجمل”. أَوَ لم يقُل غوته Johann Wolfgang Goethe، في العام 1919: “إلامَ تصير المعرفة إن لم ترافقها الحكمة؟ إلى أيّ شطط يمكن أن تُفضي قوة الفكر، إذا كان الإنسان عديم الشفقة؟ يقتلنا كلّ ما يحرر فكرنا من دون أن يزوّدنا بالسيطرة على أنفسنا والتحكّم بها”.

ماهي التقنية

تعرّف التقنية Technology بأنّها الأشياء الموجودة الماديّة وغير الماديّة، والتي يتمّ تخليقها عن طريق تطبيق الجهود الفيزيائيّة والماديّة للحصول على قيمةٍ ما، ومن هنا فإنّ التقنية بمفهومها ومدلولها الفسيح تشير إلى الآلات والمعدّات The machines and the equipments التي يمكن أن تستخدم لحل العديد من المشاكل على نطاق العالم وتعتبر التقنية التطبيقات العلميّة لجميع العلوم والمعرفة في شتّى المجالات، وهي بمعنى آخر جميع الطرق التي استخدمت من قبل الإنسان وما زالت تستخدم – كالاختراعات والاكتشافات(Discovery) – لإشباع رغباته وتلبية احتياجاته،ينضاف إلى ذلك بأن للتقنية منهجان في التعريف أيضاً، يمكن توظيفهما في هذا البحث على النحو التالي:
-في ظل التطور الكبير الذي يشهده هذا العصر في المجال التقني التكنولوجي في شتى الطرق وجميع الميادين، وفي الوقت الذي نتمتع به بروعة ومتعة هذه التقنيات، يتبين لنا مدى ضررها أيضاً في مجالاتٍ عدة، لذا يجب مراعاة استخدام هذه التقنيات بشكلٍ واعٍ وصحيح.
-ولو رجعنا إلى التعريف الإغريقي للتقنية لوجدناه هو العمل الحرفي الفني للصانع فهو الفن في معناه الرفيع أو ما يُطلق عليه بالفنون الجميلة Fine arts يقول الفيلسوف الألماني مارتن هيدجر : “التقنية لا تعني فعل الصانع و فنه فقط ،بل تعني كذلك أيضا الفن و الفنون الجميلة.
-التقنية جزء من فعل للإنتاج: إنها صناعة أو إنتاج شعري بالمعنى الأسمى للكلمة “Poietique (“التقنية ــــ الحقيقة ــــ الوجود ترجمة محمد سبيلا و عبد الهادي مفتاح ص 53”) .
– كما إن التقنية في عرف الإغريق هي تجربة أولى للطبيعة ،و معرفة تكشف الكائن (الشيء) بما هو كائن .
-أما التقنية الحديثة فهي في نظر هيدجر : انكشاف ومن جهة أخرى هي استثارة و لم تعد قط إنتاجا.

فلسفة التكنولوجيا: معناها ومبناها

-التكنولوجيا لغة تعنى دراسة الحرفة. وكلمة technologyمشتقة من الكلمة اليونانيةτεχνολογία (tekhnología) وتتألف من مقطعين هماτέχνη (tékhnē) وتعني فن أو حرفة أو مهارة، و (logía) λογία وتعني علم أو دراسة. والتكنولوجيا اصطلاحًا هي فرع من المعرفة يتعامل مع العلم الطبيعي والهندسة والفنون الصناعية، ويسعى إلى تطبيق المعرفة من أجل غايات عملية.
– وتختلف زوايا النظر إلى التكنولوجيا؛ فهناك من يرى أن التكنولوجيا هي الهندسة، وهناك من يرى أنها تركيب الأدوات والآلات، وهناك من يرى أنها المعرفة المتخصصة المستخدمة في صنع الأشياء بمساعدة العلم.
-وفلسفة التكنولوجيا فرع بيْنيّ يتألف من أنواع مختلفة من التكنولوجيات، ومجموعة منوعة من المداخل الإبستمولوجية، والإنسانيات، والعلم الاجتماعي، والعلم الطبيعي، وعلم النفس، وعلوم الهندسة، وتعالجه مدارس فلسفية مختلفة مثل البراجماتية، والتحليلية، والفينومينولوجيا.
– وفلسفة التكنولوجيا بصفة عامة هي محاولة لفهم طبيعة التكنولوجيا، وفهم تأثير التكنولوجيا في البيئة والمجتمع والوجود الإنساني. (Jan Kyrre Berg Olsen, Stig Andur Pedersen and Vincent F. Hendricks, 2009: 1; Mario Bunge, 2014: 191)وهي فرع فلسفي جديد ظهر منذ نصف قرن تقريبًا، ولكنه من أسرع الفروع الفلسفية نموًا واتساعًا. ولا عجب في ذلك، إذ تدور مشكلات فلسفة التكنولوجيا مع التقدم التكنولوجي الذي يسير بخطى ما كانت لتخطر لأحدٍ على بال.

ايجابيات العالم التقني

-من إيجابيّات لتقنية أنها ترفع مستوى الثقافة لدى الجميع، لان أصبح هناك معرفة وتطوير في كافّة المجالات في الحياة، حيث أن التكنولوجيا تسببت في تطور قطاع الصناعة، وطورت التعليم، والتجارة.
-كما أصبح أمر الحصول على كافّة المعلومات أمر ليست في غاية الصعوبة مقارنة بالماضي.
– كما أن الدعوة إلى عبادة الإله ونشر الدين وعمل الخير ومساعدة الآخرين أصبحت مهمة متاحة وممكنة للجميع.
– كما أتاح لنا التقدم سهولة التواصل مع الآخرين في أيّ وقت، وأصبح بالإمكان عمل صداقات من أيّ مكان على وجه الأرض.



375 Views