أمثال عراقية قديمة وقصتها

كتابة هديل العتيبي - تاريخ الكتابة: 7 مايو, 2020 1:26
أمثال عراقية قديمة وقصتها


أمثال عراقية قديمة وقصتها البعض قد يكون لديه علم بها والبعض الأخر لا يعرف، وعبر  هذا المقال نسلط الضوء على أهم الأمثال العراقية القديمة وقصتها.

مفهوم المثل

هو قول مأثور عن تجربة الشعوب واخذ عن السلف للخلف. وهو حادث يقال فيه قول نتيجة تكرار حدث مع الافراد وهو عبارة عن حكاية صورت بكلمات معدودة ذات مفردات سهلة التفسير يفهم معناه كل من يسمعها.

أمثال عراقية قديمة وقصتها

قصـة المثـل الشعـبي : حـمامة لو غراب 

يضرب هذا المثـل للإستفـسار عن نتـائج مسألة معـينة . و يروى “حـمامة غراب” ، و قصته :

يحـكى في قصة الطوفان أن سفينة نوح (عليه السلام) عندما رست على جبل الجودي ، أرسل نوح (عليه السلام) “الغراب” ليأتيـه بحـبر الماء ، فوجـد الغراب في طريقـه جـثة فسقط عليها و أخـذ يأكـل منها و ترك ما أرسل إليه و لذا سُمي “بالفاسـق” ، و لما إستبطاه نوح (عليه السلام) أرسل في أثـره “الحمامة” فعادت و هي عاضة على غضن شجـرة بطـين أحـمر ، فدعا للحمامة “بالبركــة” و بطـوق يتوارثـه عنها بنوها فطـوّقـت من دعائه .
قال الشاعـر بهذا الصدد :
مطـوّقــة كـسيت زينـة ً.. بدعـوة ٍ نوح ٍ لهـا إذ دعـا
و أما الغراب فذمـه و قال له قولاً شـديداً .
كـنّوا عن قضاء الحاجـة أو النجاح بـ “الحمامـة” ، و عن عدم قضائها أو الفـشل بـ “الغـراب” . فإذا أرسل شخص في مهمة و عاد ، قالوا له هذا القـول ، فأن قال حـمامة فمعـنى ذلك نجاحـه في مهـمته ، و إن قال غراب فمعـنى ذلك فشـله فيها .

قصة مثل أحسن ماتگلها كش  إكسر رجلها

أن ضيفا نزل على رجل في بيته ، فقدّم الرجل له طعاما ، وفاكهة ، وحلوى وجلس معه يأكلان ويتسامران ، وكان للرجل دجاجة كبيرة تصول في البيت وتجول . وكان الرجل قد احتفظ ببعض الطعام في ناحية ، خشية أن يكون الطعام الذي يأكل منه الضيف لايكفيهما ، فكانت الدجاجة تأتي إلى ذلك الطعام فتنقر فيه فيطردها الرجل بأن يصيح بها : ( كش .. كش!) . على عادة بعض الناس في طرد الطيور أو غيرها . ولا تكاد الدجاجة تبتعد قليلا حتى تعود فتقترب من الطعام ثانية فتلتقط منه ، فيعود الرجل فيطردها بقوله : كش ( فزهك )الضيف وقال للرجل : ( تالي وياك ؟ ) .. تظل الدجاجة تروح وتجي وانت بمكانك تصيح : كش ( أحسن ماتگلها كش .. إكسر رجلها ) فتعجّب الرجل من حزم صاحبه الضيف وحسن معالجته للأمور وذهب ذلك القول مثلا

قصة مثل بين حانة ومانة ضاعت لحانه

أن رجلا كانت له زوجة اسمها حانة فلما أسنّت تاقت نفسه للزواج من إمرأة أصغر منها . فبنى بفتاة صغيرة مليحة ، حسناء اسمها مانة فكان يعدل بينهما كما أمر الله تعالى فيقضي ليلة مع حانة وليلة مع مانة فلا يغبط إحداهما حقها وكانت كل واحدة تريد ان تستأثر به وحدها ، فكان إذا اختلى بزوجته الأولى حانة تأخذ بعض الشعرات السوداء من لحيته فتنتفها ، حتى تصبح لحيته بيضاء ، فيشعر بأنه كهل وأنه من سنها وينبغي أن يكون لها وحدها دون سواها . وإذا اختلى بزوجته الصغيرة مانة فأنها تنتف بعض الشعرات البيضاء من لحيته حتى تصبح لحيته سوداء فيشعر بأنه لا يزال شابا وأنه ينبغي أن يكون لها وحدها دون غيرها ومازال دأب زوجتيه معه حتى اختفى شعر لحيته مع الأيام ولم يبق منها ولا شعرة واحدة .

يضرب للشخص الكسول الذي تعوّد على البطالة وعاش عالة على غيره من الناس

أن رجلا كان له ولد كسول ، وكان كلما يحاول إصلاحه وإرشاده ، يزداد كسلا وبلادة ، حتى تعب الرجل وملّ ويأس من إصلاحه وسلم أمره إلى الله تعالى . وفي ذات يوم قرر الرجل أن يرسل إبنه إلى مجمع التنابلة ليعيش بينهم ويصبح واحدا منهم ، فيريح ويستريح . وكان التنابلة آنذاك يعيشون في بستان كبير في إحدى ضواحي بغداد ، ينامون فيه طيلة يومهم . فإذا جاعوا أكلوا مما يتساقط عليهم من رطب ، من النخيل الموجودة في البستان ، وإذا أحسّوا بالظمأ شربوا من ماء الساقية . ذهب الرجل إلى شيخ التنابلة وشرح له الأمر وسلّم له ولده الكسول . فرحب شيخ التنابلة بالتنبل الجديد وقال له : (( شوف بابا روح نام هناك يم الساكية .. ولما توكع يمك رطبة من النخلة أكلها وإذا عطشت إشرب من ماي الساكية .. وإنت ما مطلوب منك أي عمل هنا )) . فانبطح الولد على الأرض ، قرب الساقية ، في إنتظار سقوط الرطب بالقرب منه ، وبعد مدة وجيزة سقطت رطبة بالقرب من رأسه ، فلم يكلّف نفسه عناء إلتقاطها ووضعها في فمه ، فقال بكلامه البطيء المتثائب : (( رحم الله والديه اللي يخلّي الرطبة بحلكي )) . فسمع شيخ التنابلة ماقاله التنبل الجديد فضحك منه واستدعاه إليه ، وقال له : (( كوم ولك كوم روح لأبوك كول له : آني تنبل ونص . و ماأحتاج أعيش ويه التنابلة حتى أتعلّم منهم )) . ثم علم الناس بحكاية ذلك الصبي ، وعجبوا من كسله وضحكوا من فعله ، فقالوا فيه (( تنبل أبو رطبة )) واصبح ذلك القول مثل.

قصة مثل جبت الأكرع يونّسني، كشف راسه وخرّعني

أن إمرأة خرجت ذات يوم إلى السوق لقضاء بعض الأشغال . فلما فرغت من ذلك أرادت الرجوع إلى البيت ، وكان معها صبي صغير لها تحمله على كتفها وكان يبكي طول الطريق من غير سبب معلوم ، وكلما أرادت المرأة أن تسكّته وتهّأه ذهبت جهودها أدراج الرياح . وبينما هي تسير في أحد الأزقّة وابنها مازال يبكي وقد بلغت روحها التراقي ، صادفت رجلا يقف في جانب الطريق وبيده يشماغ له يلفّه على رأسه ، فتقدّمت منه وقالت له : (( الله يرحم والديك .. ماتخّف هذا الولد .. حتى يسكت ! )) . فقال الرجل : سهلة .. وينه هذا ؟  . فأشارت إلى ولدها ، فتقدّم الرجل منه وأمسكه من كلا كتفيه ، ثم رفع الجرّاوية عن رأسه فبدت له صلعة منكرة ! .. ثم خفض رأسه وجعله أمام وجه الصبي وهزّ رأسه ذات اليمين وذات الشمال هزّا عنيفا وصاح بصوت منكر أجش، فإخترعت المرأة ووقعت أرضا ، ثم نهضت وأخذت ولدها وهربت به وهي تقول : ((جبت الأكرع يونّسني .. كشف راسه وخرّعني )) . ثم ذاع ذلك الأمر بين الناس فعجبوا من غباء الرجل وجهله ، وبلادة المرأة وسوء تصرّفها . وذهب ذلك القول مثلا.



708 Views