أثر العمل التطوعي على المجتمع

كتابة somaya nabil - تاريخ الكتابة: 5 نوفمبر, 2021 2:25
أثر العمل التطوعي على المجتمع


أثر العمل التطوعي على المجتمع، ودوافع العمل التطوعي، ونتائج العمل التطوعي، قيم العمل التطوعي، نتناول الحديث عنهم بشيء من التفصيل خلال المقال التالي.

أثر العمل التطوعي على المجتمع

للعمل التطوعي آثار كبيرة على المجتمعات النامية أو المتقدمة، وفيما يلي نذكر بعض هذه الآثار:
1. تقوية الروابط الاجتماعية
تُعدّ وسائل التواصل الاجتماعي وسيلة لميل النّاس نحو الوحدة والعزلة، وفرصة لممارسة الأنشطة الفردية، ولهذا تم تدريجياً فقدان روابط المجتمع، لذا يعتبر العمل التطوعي طريقة لاستعادة هذا المجتمع وبناء روابط أقوى بين الأصدقاء وزملاء العمل والعائلة، حيثُ تجمع بينهم أنشطة مشتركة تطوعيّة من أجل قضايا تَهُم الجميع.
2. تحسين العلاقات بين أطراف الدولة
تتطلب مشاريع خدمة المجتمع التطوعيّة العديد من الموارد والتخصصات المختلفة، لذلك فالعمل التطوعي يعتبر باباً لتعاون الشركات التطوعيّة غير الربحيّة، والجهات الحكومية، والشركات الخاصة، لإنجاح هذه المشاريع.
3. تحسين المستوى الاقتصادي
يُعّد الوقت هو المصدر الرئيس للحصول على المال، وبما أنّ الناس يبذلون الوقت في الأعمال التطوعية، وتقديم خدمة من دون مقابل لا تحقق تكاليف على عاتق الدولة، فهي بذلك تزيد من المستوى الاقتصادي، فمثلاً في دراسة أُجريت في الولايات المتحدة ساهم فيها 62.6 مليون متطوع بـ 8 مليارات ساعة من العمل أي ما يعادل 184 مليون دولار.
4. توفير الخدمات العامة
للعمل التطوعي تأثير طويل الأمد حتى لو انتهت فترة الأعمال التطوعيّة في منطقة معيّنة، والذي يكمن في توفير خدمات عامة للمجتمع، سواءً في مجال الرعاية الصحيّة كبناء مستشفى، أم النقل كتعبيد الشوارع، وتأمين الموصلات العامة، وأيضًا في مجال التكنولوجيا والكهرباء كتوصيّل خطوط إنارة وغيرها.

دوافع العمل التطوعي

1. دافع نفسي حيث أن العمل التطوعي والمشاركة في فعل الخير يمنح الشعور بالراحة النفسية.
2. دافع شخصي لكل شخص دوافعه التي ينتج عنها رغبته في المشاركة في الأعمال التطوعية، وتختلف هذه الدوافع من شخص إلى آخر، ونجد أن أبرز الدوافع الشخصية تتمثل في مجموعة من المبادئ والقيم التي تربى عليها الشخص، من حيث الوقوف بجانب المحتاجين أو تقديم المساعدة دون انتظار مقابل.
3. دافع ديني وهو محاولة الفرد كسب رضا الله تعالى عن طريق العمل التطوعي، ومساعدة الآخرين دون مقابل.
4. دافع اجتماعي يحاول الفرد من خلال العمل التطوعي أن يشارك في تطوير المجتمع، وتحقيق النفع والإفادة للجميع، مما يزيد من شعور الانتماء.

نتائج العمل التطوعي

يترتب على ممارسة الأعمال التطوعية العديد من النتائج، والتي تتمثل في النقاط التالية:
1. تقديم كل متطوع كل ما يستطيع تقديمه من جهد ووقت لتوفير الكثير من احتياجات الأفراد بالمجتمع.
2. يترتب على ممارسة العمل التطوعي الاستقرار والتطور للمجتمع المحلي بشكل ثابت وجيد.
3. استغلال طاقة شباب المجتمع بأفضل الوسائل المتاحة.
4. الأعمال التطوعية ترفع من مستويات حماس ونشاط الأفراد المتطوعين.
5. التقليل من سلوكيات الأفراد السلبية، وجعلهم يشعرون بحالة الرضا عن النفس.
6. الأعمال التطوعية تخفف من نشر العدوانية بين أفراد المجتمع الواحد.
7. الأعمال التطوعية تُهذب من شخصيات أفرادها.
8. نشر مفاهيم الخير والعطاء بالمجتمع.

قيم العمل التطوعي

1. الإيمان بدوافع العمل التطوعي ومقاصده
يسعى العمل التطوعي لتحقيق مصالح العباد وسد احتياجاتهم الأساسية في مختلف مجالات الحياة، وإن المحافظة على الضرورات الخمس وهي: حفظ الدين والنفس والعقل والمال والنسل من أهم مقاصد الشريعة، وهو ما عبر عنه علماء المقاصد بالضرورات، ولا ينفك العمل التطوعي عن السعي لتحقيق هذه المقاصد، عبر الحرص على وجودها، ودفع ما قد يخل بوجودها، ففي مجال حفظ الدين يسعى العاملون إلى بناء المساجد والمراكز الدينية وطباعة ونشر الكتب الإسلامية وتعليمها وترجمتها إلى اللغات الحية، وكفالة الدعاة والمعلمين والأئمة والخطباء والوعاظ وطلاب العلم، ويسعون إلى دحض الشبهات التي تثار حول الإسلام عقيدة وشريعة، ومحاربة الأفكار الهدامة وحملات التغريب التي تستهدف هوية أمتنا، ونحو ذلك من أعمال.
2. تطوير العمل التطوعي وتحديث أساليبه
لا يمكن استمرار النجاح لأي عمل ما لم يواكب التغيير من حوله، ولقد أصبح التسارع التقني والفني يحتم على الجميع مواكبة الوسائل الجديدة المؤثرة في جودة العمل واستمراره، فما كان ناجعا من وسائل وبرامج في الماضي قد لا يكون كذلك في الحاضر، وما هو فعال الآن قد لا يصبح كذلك في المستقبل المنظور، لذا وجب على العاملين في العمل التطوعي الحرص على تطوير العمل وتحديث أساليبه والاستفادة القصوى من كل جديد نافع في مجال الإدارة والتسويق والتدريب، وما أحسن استحضار حديث النبي صلى عليه وسلم هنا، إذ يقول: “إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه”، وفي رواية “أن يكمله”.
3. حاجة المتطوع إلى التطوع
لا تقل حاجة المتطوع للتطوع عن حاجة الجهة التي يستهدفها بتطوعه، بل لعل حاجته إليه أكبر، فالتطوع يزيد من الثقة بالنفس والرضا عن الذات، ويعزز مفهوم الانتماء إلى المجتمع والفخر بهويته، وهو باب واسع لتحصيل الحسنات وارتفاع الدرجات، ومدعاة للسمو الروحي والسلوك القويم، وهناك العديد من التوجيهات الإسلامية في شريعتنا الغراء ترسخ هذا المفهوم وتؤكده، قال تعالى: (فَمَن تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ) (البقرة: 184)، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: “من جهّز غازياً في سبيل الله فله مثل أجره، ومن خلف غازياً في أهله بخير وأنفق على أهله فله مثل أجره” (صحيح الترغيب: 1239)، وقال: “مَن فطَّرَ صائمًا كانَ لَهُ مثلُ أجرِهِ، غيرَ أنَّهُ لا ينقُصُ من أجرِ الصَّائمِ شيئًا” (صحيح الترمذي: 807)، وقال: “مَن بَنَى مَسْجِدًا -قالَ بُكَيْرٌ راوي الحديث: حَسِبْتُ أنَّه قالَ: يَبْتَغِي به وجْهَ اللَّهِ- بَنَى اللَّهُ له مِثْلَهُ في الجَنَّةِ” (البخاري: 450)، وعدّ إماطة الأذى عن الطريق من شُعب الإيمان، ففيها لفاعلها صدقة، وكذا كل أعمال الخير في الإسلام رتب الله تعالى عليها الثواب الجزيل لفاعليها، ويزداد ثوابها بكثرة المنتفعين منها.
4. نشر قيم التطوع وترويج مفاهيمه
لا يمكن اعتبار القيمة قيمة مرجعية حاكمة إلا إذا انتشرت وأصبحت جزءا من الثقافة السائدة، وهناك قيم عامة يشترك فيها جميع أفراد المجتمع تعكس عقيدته وثقافته، وهناك قيم عامة يشترك فيها فئات مختصة في مجال ما، كالقيم التي تحكم عمل السياسيين والديبلوماسيين مثلا، وحديثنا هنا عن قيم العاملين في العمل التطوعي، ولترسيخ هذه القيم في أوساطهم لابد من اعتمادها ونشرها، ولعل أفضل طريقة لذلك هو إصدار ميثاق التطوع، بحيث يطلع عليه كل العاملين في هذا المجال وتوقع عليه مؤسسات العمل التطوعي، فيكون بذلك شكل من أشكال المرجعية الحاكمة للعمل والعاملين في مجال التطوع، وأحسب أن هذه السلسلة من المقالات تشكل أرضية مناسبة لصياغة هذا الميثاق ومن ثم اعتماده ونشره.



636 Views